لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة، وبعض أهل العلم قاسها على الجنب، قال: كما أن الجنب لا يقرأ فهي كذلك؛ لأن عليها حدثا أكبر يوجب الغسل، فهي مثل الجنب.
والجواب عن هذا: أن هذا قياس غير صحيح؛ لأن حالة الحائض والنفساء غير حالة الجنب، الحائض والنفساء مدتهما تطول، وربما شق عليهما ذلك، وربما نسيتا كثيرا من حفظهما من القرآن الكريم، أما الجنب فمدته يسيرة، متى فرغ من حاجته اغتسل وقرأ، فلا يجوز القياس، والحاصل أن الراجح والصواب من قولي العلماء: أنه لا حرج على الحائض والنفساء أن تقرأ ما تحفظان من القرآن، ولا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء آية الكرسي عند النوم، ولا حرج أن تقرأ ما تيسر من القرآن في جميع الأوقات عن ظهر قلب، هذا هو الصواب وهذا هو الأصل، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما حاضت عائشة، قال: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت (١)» ولم يقل لها: غير أن لا تقرئي. قال: غير أن لا تطوفي، فمنعها من الطواف؛ لأن الطواف كالصلاة، فهي لا تصلي، وسكت عن القراءة، فدل ذلك على أنها غير ممنوعة من القراءة، ولو كانت القراءة ممنوعة لبينها
(١) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (٣٠٥)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (١٢١١).