ويعذبون فيها، ثم يخرجهم الله من النار، وقد امتحشوا، قد احترقوا، فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم، أدخلهم الله الجنة، وقد تواترت بهذا الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع على هذا أهل السنة والجماعة، ولا يبقى في النار مخلدا إلا الكفرة، نسأل الله العافية، أما العصاة فلا، قد يبقى فيها وقد تطول إقامته، ويسمى خلودا، لكنه خلود مؤقت ينتهي، فإذا تمت المدة التي قدرها الله عليه يخرج من النار، وصار إلى الجنة بتوحيده وإسلامه. والتوحيد له شروط ذكرها بعض أهل العلم، وهي سبعة. قال بعضهم: ثمانية. وقد جمعها بعضهم في بيتين:
علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها
وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها
فإذا فهمها طالب العلم وأتقنها وأداها كان هذا كمالا لتوحيده وإيمانه، وإن كان عاميا لا يعرف هذه الشروط، ولكنه تبرأ من الشرك، وآمن بالله ووحده كفى، وإن لم يعرف الشروط، متى تبرأ من الشرك، وتبرأ من الكفر، واعتقد بطلانه وآمن بالله ووحده كفى.
فقوله:(علم) يعني يعلم أن الله جل وعلا هو المستحق للعبادة، وأن معنى لا إله إلا الله؛ معناها لا معبود حق إلا الله، وقوله:(يقين) يقولها عن يقين، بدون شك، يوحد الله عن يقين، وقوله:(وإخلاص) يعني ما أشرك بالله غيره، بل أخلص لله مع الصدق، خلاف المنافقين