للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسماه شركا، سمى دعاءهم إياهم شركا، ونفى أنهم يسمعون، لأنهم ما بين ميت لا يستطيع السمع، وما بين ملك مشغول بما هو فيه، أو جني مشغول أو لا يعرف شيئا من ذلك، ولا يدري عن شيء من ذلك، أو ميت أو صنم أو شجرة، كلها لا تجيب داعيها، كل هؤلاء لا يجيبون داعيهم، لا يسمعون ولا يستجيبون، وهم مع هذا لو قدر أنهم سمعوا، كالملك أو غيره، لا يستطيعون أن يجيبوا، لأن أمرهم بيد الله سبحانه وتعالى، هو مالكهم ومالك غيرهم سبحانه وتعالى، فإذا كانوا أمواتا فلن يستطيعوا، وإذا كانوا جمادا لا يستطيعون وإذا كانوا ملائكة أو جنا فهم لم يشرع لنا أن ندعوهم من دون الله، وهم لا يتصرفون إذا كانوا ملائكة إلا بإذن الله، والله لا يأذن لهم أن يعبدوا من دون الله، ولا يرضوا بذلك وهكذا الجن المؤمنون، لا يرضون بذلك، والكافرون لا يجوز أن يعبدوا، فلا يعبد هؤلاء ولا هؤلاء، فالمؤمنون من الجن والإنس، لا يرضون بذلك ولو رضوا لكفروا بذلك، والجن لا يرضون بذلك، إذا كانوا مؤمنين، وأما كفار الإنس وكفار الجن، فليسوا أهلا لأن يعبدوا من دون الله، ولو عبدوا من دون الله، لكان عابدهم كافرا من باب أولى، ولهذا قال سبحانه: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (١). هؤلاء المعبودون كلهم يكفرون بشرك العابدين، من جن وإنس وملائكة، كلهم يكفرون بعبادة عابديهم، فعلم بذلك أن عبادة غير الله


(١) سورة فاطر الآية ١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>