عليه، ثم يقول له الرب جل وعلا: ارفع رأسك فقل يسمع واسأل تعط، واشفع تشفع، فبعد الإذن يشفع عليه الصلاة والسلام، في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، ثم يشفع في أهل الجنة حتى يدخلوا الجنة، وفي حياته - صلى الله عليه وسلم -، يطلب منه المسلمون أن يستغيث لهم، أن يدعو لهم، وأن يستشفعوا بدعائه، لا بذاته؛ فلهذا لما توفي - صلى الله عليه وسلم - تركوا ذلك واستسقى عمر بالعباس وقال: عمر رضي الله عنه: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل بعم نبينا فاسقنا.
ولو كان التوسل بذاته جائزا لتوسلوا به بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، ولم يحتاجوا إلى العباس، فلما عدل عمر والصحابة إلى العباس، ليدعو لهم دل على أن التوسل بالدعاء والشفاعة لا بالذوات، فالمسلمون اليوم يتوسلون إلى الله بالدعاء يسألون الله ويدعونه، أن يسقيهم وأن يرحمهم وأن يغفر لهم، لا بذات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا بغير ذات النبي، وإذا رأى المسلمون أن يدعو لهم فلان أو فلان، لما فيه من الصلاح والخير، فقالوا له: تقدم فادع الله لنا، أو وجدوا من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من هو معروف بالخير والفضل والعلم، وطلبوا منه أن يدعو الله لهم، كله طيب كما فعله عمر مع العباس.