وعن الصحابة، وقد ثبت في حديث أبي جحيفة في الصحيحين، في حجة الوداع، أنه لما خرج بلال بوضوئه صلى الله عليه وسلم، كان الصحابة يتناولون منه ما تيسر، هذا يأخذ قليلا وهذا يأخذ كثيرا من وضوئه عليه الصلاة والسلام، وثبت في صلح الحديبية، أنه إذا تنخع نخاعة أو بصق تلقاها الصحابة وجعلوا يدلكون بها أجسادهم، لما جعل الله فيها من البركة، ولما حلق في حجة الوداع، قسم نصف الشعر بين الصحابة، والنصف الثاني أعطاه أبا طلحة رضي الله عنه، كل هذا ثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وليس هناك شك عند أهل العلم في بركة جسمه صلى الله عليه وسلم، وشعره وما مس جسمه ووضوئه، وعرقه عليه الصلاة والسلام.
لكن لا يقاس عليه غيره، إذ إن الصحابة رضي الله عنهم، ما فعلوا هذا مع الصديق ولا مع عمر، ولا مع عثمان، ولا مع علي، وهم أفضل الصحابة هم أفضل الناس بعد الأنبياء، فلو كان هذا مشروعا أو جائزا، مع غير النبي صلى الله عليه وسلم لفعله المسلمون، مع هؤلاء الأخيار، ولأن ذلك قد يكون وسيلة للشرك والغلو، فلهذا منعه أهل العلم في الصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يقاس على الرسول صلى الله عليه وسلم أحد بل خاص به صلى الله عليه وسلم، لما ثبت وعلم من بركته صلى الله عليه وسلم، في جسمه وعرقه وشعره، وسائر أجزائه عليه الصلاة والسلام، ولأنه أقر الصحابة على ذلك، فلولا أنه جائز لما أقرهم، فلا يقاس عليه غيره لأمور كثيرة، أما التبرك بالعلماء والعباد، الذي يفعله بعض الناس، فهذا غلط ولا يجوز، لأنه خالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يفعله المسلمون مع فضلائهم ولا كبارهم، كالخلفاء الراشدين ولم يفعله مع بقية الصحابة،