للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجاءوا إليه وقالوا: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يمسكها عنا، فضحك عليه الصلاة والسلام من ضعف بني آدم، في الجمعة الأولى يطلبون الغيث، وفي الجمعة الأخرى يطلبون الإمساك، فرفع يديه، وقال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر (١)» قال أنس: فتمزق السحاب في الحال، وصارت المدينة مثل الجوبة، يمطر هاهنا وهاهنا، المقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم استغاث، وأصيب الناس بالجدب في زمانه، وأصاب أصحابه الجدب وهم خير الناس؛ تأكيدا وتنبيها حتى ينتبه الناس وحتى يضرعوا إلى ربهم، ويسألوه من فضله سبحانه وتعالى؛ لأن تأديبهم فيه خير لهم، يتنبهون ويعبدونه بالدعاء ويضرعون إليه، ويعلمون أنه الرازق، فهكذا البلاد الإسلامية، وإن كانت بلادهم أصلح من بلاد الكفار، وهم خير من الكفار، وهم أعبد الناس لربهم سبحانه وتعالى، لكن يبتليهم بالسراء والضراء، بالسراء حتى يشكروا، وبالضراء حتى ينتبهوا ويصبروا، وحتى يجازيهم بالأجر العظيم على صبرهم، وبالأجر العظيم على شكرهم، فإذا لم ينتبهوا أصيبوا بالجدب والقحط، أو بتسليط الأعداء أو بغير هذا حتى ينتبهوا وحتى يرجعوا إلى الله، وحتى


(١) أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء، باب في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة، برقم (١٠١٤)، ومسلم في كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، برقم (٨٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>