للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أرض الحبشة كنيسة، وذكرتا ما فيها من الصور، قال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور (١)»، ثم قال عليه الصلاة والسلام: «أولئك شرار الخلق عند الله (٢)» فأخبر عن الذين يبنون على القبور مساجد، ويصورون عليها الصور، أنهم شرار الخلق؛ لأنهم فعلوا أمرا يجر الناس إلى الشرك، ويوقعهم في الشرك؛ لأن البناء على القبور وبناء المساجد عليها واتخاذ الصور عليها، كل هذا من وسائل الشرك، ولهذا حذر من ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، وأبدى وأعاد في ذلك، والوليد حين أدخل الحجرة النبوية، لم يكن على باله هذا الأمر، ولم يظهر له أن الناس يشتبه عليهم الأمر، ويعتقدون أن هذا مثل هذا، وأن إدخال الحجرة برمتها من جنس إدخال القبور في المساجد، أو من جنس إقامة المساجد على القبور، وليس هذا كهذا، فالحاصل أن إدخال الحجرة النبوية في المسجد ليس من جنس عمل الغلاة في القبور الذين بنوا عليها المساجد، أو أحدثوها في المساجد، هذا غير هذا، فإحداث القبر في المسجد أمر لا يجوز، ومنكر ووسيلة للشرك بصاحب القبر، وهكذا كون المسجد يبنى عليه كما فعلت بنو إسرائيل، هذا أيضا لا يجوز، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح المتفق عليه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (٣)».


(١) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم ٤٣٤.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم ٤٣٤.
(٣) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم ١٣٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>