للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب والسنة والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع، ولم يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا عن خلفائه الراشدين أنهم كانوا يقرؤون عند القبور، ولا يصلون عند القبور، أما ما فعله ابن عمر فهذا اجتهاد منه رضي الله عنه، وهكذا من فعله بعده من بعض السلف من باب الاجتهاد والاجتهاد يخطئ ويصيب، والواجب هو عرض ما تنازع فيه الناس على كتاب الله وعلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعلى ما أجمع عليه أهل العلم، ومعلوم أن القراءة محلها البيوت والمساجد، وليس محلها المقابر، المقابر إنما تزار ويدعى لأهلها، وهكذا الصلاة ليس محلها المقابر، وإنما محلها المساجد والبيوت، فكما أنه لا يصلى عند القبور كذلك لا تتخذ محلا للقراءة، لا عند الدفن، ولا بعد الدفن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (١)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا (٢)» فدل ذلك على أن القبور ليست محلا للصلاة، فقال: «لا تتخذوها قبورا (٣)» يعني بترك الصلاة فيها، بل صلوا في بيوتكم، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها (٤)» وكلها أحاديث


(١) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (١٣٣٠)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (٥٢٩).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (٤٣٢)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (٧٧٧).
(٣) صحيح البخاري الجمعة (١١٨٧)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٧٧)، سنن الترمذي الصلاة (٤٥١)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (١٥٩٨)، سنن أبي داود الصلاة (١٠٤٣، ١٤٤٨)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٣٧٧)، مسند أحمد (٢/ ٦).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (٩٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>