ومنكر، ومن أمر الجاهلية، وهكذا الزغردة والصياح، والكلام الفارغ الذي يفعلونه بمناسبة الميت لا أصل له، وقد قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة (١)» يرى أنه يعد من النياح عند أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام. فالمشروع لأهل الميت الصبر والاحتساب وأن يستعملوا ما شرع الله من الصبر والاحتساب، وقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. والسنة لأقاربهم وجيرانهم أن يبعثوا لهم طعاما وقت المصيبة، اليوم الأول أو الثاني أو الثالث، ليس له حد، ولا مانع أن يدعوا بعض جيرانهم أو أقاربهم ليأكلوا معهم مما بعث إليهم من الطعام، أما أن يصنعوا طعاما هم ويذبحوا ذبائح أو يحبسوا أنفسهم في البيت من أجل المصيبة فلا، هذا ليس من أمر الإسلام، بل هو من أمر الجاهلية فالمصاب له أن يخرج وله أن يذهب إلى حاجاته، وإلى مزرعته، وإلى حاجاته الأخرى، وإذا جلس بعض الوقت الجلوس المعتاد ليسلم عليه من يزوره للعزاء فلا بأس بذلك، وإن سلموا عليه في الطريق أو في المقبرة قبل الدفن أو بعد الدفن كل ذلك لا بأس به، يكفي في الطريق، في المسجد، في المقبرة، قبل الدفن، بعد الدفن في بيته، كل ذلك واسع، ولا يلزمه أن يبقى في البيت، أو يشرع له أن يبقى في البيت يحبس نفسه لأجل ذلك، وفق الله الجميع.
(١) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (٦٨٦٦).