الكافر في الله، ويبغض العصاة في الله، على قدر معاصيهم وعلى قدر البدعة، وبغض الكافر أشد، وبغض المبتدع على قدر بدعته، إذا كانت بدعته غير مكفرة، على قدرها، وبغض العاصي على قدر معصيته، ويحبه في الله على قدر إسلامه، أما الهجر ففيه تفصيل يقول ابن عبد القوي رحمه الله، في قصيدته المشهورة:
وهجران من أبدى المعاصي سنة ... وقد قيل إن يردعه أوجب وآكد
وقيل على الإطلاق ما دام معلنا ... ولاقه بوجه مكفر ملبد
وقيل على الإطلاق يعني يجب الهجر مطلقا، فالحاصل أن الأرجح والأولى النظر في المصلحة، فالنبي صلى الله عليه وسلم هجر قوما وترك آخرين لم يهجرهم، مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية، فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم، لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر هجرهم خمسين ليلة فتابوا فتاب الله عليهم، ولم يهجر عبد الله بن أبي بن سلول، وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية اقتضت ذلك، فالمؤمن ينظر في الأصلح وهذا لا ينافي بغض الكافر في الله، وبغض المبتدع في الله، وبغض العاصي في الله، ومحبة المسلم في الله، ومحبة العاصي على قدر إسلامه، ومحبة المبتدع الذي لم يعلن بدعته على قدر ما معه من الإسلام لا ينافي ذلك، أما هجرهم فينظر للمصلحة، فإذا كان هجرهم يرجى فيه خير لهم، ويرجى أن يتوبوا من البدعة ومن المعصية، فإن السنة الهجر، وقد أوجب ذلك