للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حديث آخر عن صوم يوم الاثنين والخميس، أعرض عن الولادة، وقال في يوم الاثنين والخميس: «إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم (١)»، وسكت عما يتعلق بالمولد، فعلم بذلك أن كونه يوم المولد، جزء من أسباب استحباب صومه، مع كونه تعرض فيه الأعمال على الله، وكونه أنزل عليه الوحي فيه، فهذا لا يدل على الاحتفال بالموالد، ولكن يدل على فضل صيام يوم الاثنين، وأنه يصام لهذه الأمور، كونه ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكونه أنزل عليه الوحي فيه، ولأنه تعرض فيه الأعمال على الله عز وجل، ولو كان الاحتفال بالموالد، أو بمولده عليه الصلاة والسلام، أمرا مشروعا أو مرغوبا فيه لما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ عن الله، وهو أنصح الناس، ولا يمكن الظن به أنه يسكت، عن أمر ينفع الأمة، وينفعه عليه الصلاة والسلام، وهو في طاعة الله عز وجل، وهو أنصح الناس، وهو ليس بغاش الأمة، وليس بخائن ولا كاتم، لقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وكل شيء لم يكن في وقته مشروعا، فلا يكون بعد وقته مشروعا، فالتشريع من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أوحى الله إليه جل وعلا، وصحابته المبلغون عنه، ويحملون عنه ما بلغه الأمة، فهو لم يبلغ الناس أن الاحتفال بمولده مطلوب، لا فعلا ولا قولا، وصحابته ما فعلوا ذلك، ولا أرشدوا إليه،


(١) أخرجه أحمد في المسند، مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أسامة بن زيد، برقم ٢١٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>