للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يحتفل بمولده ولم يأمر أصحابه بذلك، ولم يفعله الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، ولا بقية الصحابة رضي الله عنهم، ولا التابعون وأتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، فكيف يخفى عليهم ويعلمه من بعدهم هذا مستحيل، فعلم بذلك أن إحداثه من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومن قال: إنه بدعة حسنة فهذا غلط لا يجوز، لأنه ليس في الإسلام بدع حسنة. الرسول عليه السلام قال: «كل بدعة ضلالة (١)» وكان يخطب بالناس يوم الجمعة، ويقول: «إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (٢)»، فلا يجوز للمسلم أن يقول في بدعة: إنها حسنة، يعني يناقض النبي صلى الله عليه وسلم ويعاكسه، هذا لا يجوز للمسلم بل يجب عليه أن يتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحذر مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم ومخالفة شريعته في هذا وغيره، فلما قال صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة (٣)». فهذه الجملة جملة عامة وصيغة عامة، تعم الموالد وغير الموالد من البدع، وهكذا ما أحدثه بعض الناس من الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، ليلة سبع وعشرين من رجب، أو ليلة النصف من شعبان، هذه أيضا من البدع، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعلها ولا فعلها أصحابه، فتكون بدعة وهكذا جميع ما أحدثه الناس من البدع في الدين، كلها داخلة في هذا المعنى، فليس لأحد من المسلمين أن يحدث شيئا من العبادات، بغير


(١) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧)، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (٢٩٥٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣١١)، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم ٥٠٦٣، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم ١٤٠١.
(٣) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧)، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (٢٩٥٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣١١)، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>