للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (١) فمراده صلى الله عليه وسلم بقوله: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» (٢) – والله أعلم – يعني على وجه لا يكون فيه مشقة ولا مضرة على الناس؛ ولهذا كان السلف لا يفعلون ذلك، ما كان السلف يعتمرون عمرتين في اليوم، أو في الليلة، بل كان بينهما بعض الوقت، فالأحسن والأفضل أن يترك العمرة وقت الزحمة، فإذا كان سعة اعتمر حسب التيسير من دون أن يفعل ذلك مكررًا في كل يوم، بل يكون بينها فسحة، كما كان السلف يفعلون، ويجعل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» (٣) على الشيء المعتاد المعروف، الذي يكون بينهما بعض الفصل، بعض الوقت، ككل أسبوع عمرة، أو بعد كل شهر وشهر عمرة، أو كل شهر عمرة أو نحو ذلك من دون متابعة في يوم واحد، ولا سيما عند كثرة الحجيج فإن هذا يشق على الناس كثيرًا، الصحابة رضي الله عنهم، ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمروا بعدما فرغوا من الحج، بل لما فرغ من الحج ودَّع عليه الصلاة والسلام ليلة أربع عشرة، ثم غادر مكة، وسافر إلى المدينة عليه الصلاة


(١) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (١٧٧٣).
(٢) صحيح البخاري الْحَجِّ (١٧٧٣)، صحيح مسلم الْحَجِّ (١٣٤٩)، سنن الترمذي الْحَجِّ (٩٣٣)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (٢٦٢٩)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (٢٨٨٨)، مسند أحمد (٢/ ٤٦٢)، موطأ مالك الْحَجِّ (٧٧٦)، سنن الدارمي الْمَنَاسِكِ (١٧٩٥).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (١٧٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>