للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مغبة هذه المعاصي، و «الدين النصيحة» (١) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أصر ولم يبال بالنصيحة، فإنه ينبغي أن يهجر، لكن إذا رأى المسلم أن هجره قد يزيده شرًا، ورأى أن يستمر معه بالنصيحة بين وقت وآخر، لا لمحبة ماله أو طعامه، ولكن لقصد نصحه وتوجيهه إلى الخير، ورحمته لعله ينيب إلى الله، ولعله يتوب، فلا حرج أن يكرر عليه النصيحة، ولو زاره لذلك، وإذا ترك أكل الطعام معه، ونحوه فهذا أنسب حتى لا يظنه جاء من أجل الطعام، فيتصل به للنصيحة والتوجيه، ويدع الأكل معه، ومجالسته التي ليس فيها مناصحة، حتى لا ينسب إليه أنه مقر للمنكر، وحتى لا يظن صاحب المنكر أنه راضٍ عنه، وأنه لا يرى إنكار هذا المنكر، والمؤمن يفعل ما هو الأصلح، ويجتهد في بيان ما هو الأصلح، وهو الأقرب للردع عن الباطل، وجلب الخير، هذا هو الذي ينبغي في هذا المقام، هو الهجر لمن أظهر المعاصي، وعدم مجالسته، وعدم مواكلته إلا إذا اقتضت المصلحة الشرعية أن يجالسه للنصيحة، ويكرر ذلك للنصيحة، والتوجيه، وأن هذا أصلح من هجره؛ لأن هجره يزيده شرًا، ويزيده بلاءً وشرورًا، وتماديًا في المعاصي، أو


(١) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>