الجماعة قصدهم الطيب، ولا سيما الأصغر، فإن حقّ الكبير عليه عظيم، أمّا وقد وقع ما وقع، فإنه ينظر في قصده، فإن كان قصده بالطلاق منع نفسه من المسامحة لأخيه، وليس من قصده فراق أهله إن سامح أخاه، فهذا حكمه حكم اليمين، وعليه كفارتها، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام، هذا هو الواجب في هذه المسألة، إذا كان هذا المطلّق إنما قصد منع نفسه من المسامحة ولم يقصد فراق زوجته إن سامح أخاه، فهو بهذه النية يكون طلاقه هذا في حكم اليمين في أصح قولي العلماء، وعليه كفارتها إذا سامح أخاه وهو الأولى به، أن يسامح أخاه وأن يصل رحمه، ويتعوّذ بالله من الشيطان، ولو كان أخوه قد أخطأ عليه، لو فرضنا أن أخاه الكبير قد أخطأ عليه، فكونه يسامح أخاه الكبير، ويتنازل عن حقه، هذا خير له في الدنيا والآخرة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها»(١) فهذا هو الحكم في هذه المسألة، إن كان
(١) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ليس الواصل بالمكافئ، برقم (٥٩٩١).