للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباده، وله مشيئة لا يتخطاها العباد، ويقال لها الإرادة الكونية، والمشيئة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ومن هذا قوله سبحانه: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} (١)، وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٢)، فالعبد له اختيار، وله إرادة ولكن اختياره وإرادته تابعتان لمشيئة الله، وإرادته سبحانه وتعالى، فالطاعات بقدر الله، والعبد مشكور عليها مأجور، والمعاصي بقدر الله والعبد ملوم عليها، ومأزور والحجة قائمة، والحجة لله وحده سبحانه وتعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (٣)، سبحانه وتعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (٤)، فهو سبحانه لو شاء لهداهم جميعا، ولكن له الحكمة البالغة حيث جعلهم قسمين: كافرا ومسلما، وكل شيء بإرادته سبحانه وتعالى ومشيئته.

فينبغي للمؤمن أن يعلم هذا جيدا، وأن يكون على بينة في دينه، فهو مختار له إرادة وله مشيئة يستطيع أن يأكل ويشرب، ويضارب ويتكلم ويطيع ويعصي ويسافر ويقيم ويعطي فلانا ويحرم فلانا إلى غير هذا هو له مشيئة في هذا، وله قدرة وليس مقهورا ولا ممنوعا، ولكن هذه الأشياء التي تقع منه لا تقع إلا بعد سبقها من الله بعد أن تسبق


(١) سورة الأنعام الآية ١٢٥
(٢) سورة يس الآية ٨٢
(٣) سورة الأنعام الآية ١٤٩
(٤) سورة الأنعام الآية ٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>