للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخير ومسير، مخير لأن الله أعطاه إرادة اختيارية، وأعطاه مشيئة يتصرف بها في أمور دينه ودنياه، فليس مجبرا ومقهورا، فله اختيار وله مشيئة، وله إرادة كما قال عز وجل: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (١) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٢)، وقال سبحانه: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (٣) {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (٤)، وقال سبحانه: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٥)، وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} (٦).

فالعبد له اختيار، وله إرادة وله مشيئة لكن هذه الإرادة وهذه المشيئة لا تقع إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى، فهو جل وعلا المصرف لعباده والمدبر لشئونهم، فلا يستطيعون أن يشاءوا شيئا، أو يريدوا شيئا إلا بعد مشيئة الله لهم وإرادته الكونية القدرية سبحانه وتعالى، فما يقع في العباد وما يقع منهم، كله بمشيئة من الله سابقة وقدر سابق، فالأعمال والأرزاق والآجال والحروب، وانتزاع الملك وقيام الملك، وسقوط دولة وقيام دولة، كله بمشيئة الله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٧) فالمقصود أنه جل وعلا له إرادة في


(١) سورة التكوير الآية ٢٨
(٢) سورة التكوير الآية ٢٩
(٣) سورة المدثر الآية ٥٥
(٤) سورة المدثر الآية ٥٦
(٥) سورة الأنفال الآية ٦٧
(٦) سورة الإسراء الآية ١٨
(٧) سورة آل عمران الآية ٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>