فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد، وأخبر أنه من عمل الماضين الذين ذمهم الله وعابهم، وأخبر أنه ينهى عن هذا عليه الصلاة والسلام، وقد وقع الناس في الشرك بسبب هذه الأبنية وهذه المساجد؛ ولهذا لعن صلى الله عليه وسلم من اتخذها؛ لأنها وسيلة للشرك، وعبادة المخلوقين من دون الله، وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، عن أبيه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (١)» فأخبر جابر رضي الله عنه أن الرسول نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها، وهذا صريح في تحريم ذلك، فالبناء على القبر محرم، وهكذا القعود عليه، وهكذا تجصيصه؛ لأنه وسيلة إلى الغلو فيه، ثم إلى عبادته من دون الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كما جرى لليهود والنصارى، وكما جرى للغلاة من هذه الأمة، الذين بنوا على القبور وعظموها حتى عبدت من دون الله، وحتى صارت آلهة تعبد مع الله، كما قد وقع مثل ذلك عند قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما في مصر، وعند قبر البدوي، وعند قبر الجيلاني في العراق، وعند قبور كثيرة حتى فعله بعض الجهلة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة لجهلهم لما رأوا أنه مبني عليه، وعليه قبة ظنوا أن هذا مما يسبب لهم
(١) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (٩٧٠).