فلا بأس بذلك؛ لأنهم في حاجة، ونقلها إليهم فيه مصلحة عظيمة، ومتى اجتهد صاحب الزكاة وفرّقها في بلده، أو في فقراء خارج بلده من الأقارب وغيرهم، فكل ذلك جائز والحمد لله، إذا كان في البلد فقراء هم أفضل وأولى، وإذا كانوا أقارب فالصدقة فيهم أفضل أيضًا؛ لأنها صدقة وصلة رحم جميعًا، ولكن يجوز نقلها لمصلحة راجحة، يجوز أن تنقل من بلد إلى بلد، إذا كانت المصلحة أرجح لأقارب بعيدين، أو المجاهدين في سبيل الله المحتاجين، أو فقراء حاجتهم شديدة، فينقلها مثلاً من مكة إلى جدة، أو من الرياض إلى الخرج، وإلى الأحساء، وإلى أبها، إلى غير هذا، لمن يعرف أنه فقير يعطى، سواء كان " فمن " يتجمع حول المساجد، أو في أيّ مكان، من ادّعى الفقر والحاجة، والعلامات ظاهرة عليه، ولا يوجد ما يكذّبه فلا بأس أن يعطى.
والنبي صلى الله عليه وسلم لمَّا شكا إليه جلان، وطلبا منه الزكاة ورآهما جلدين، يعني نشيطين، قال:«إن شئتما أعطيتكما ولا حظّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب»(١) والإنسان قد يكون جلدًا ولكن ما عنده
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى، برقم (١٦٣٣)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب مسألة القوي المكتسب، برقم (٢٥٩٨).