عظم أمر الحنابلة ببغداد، وقويت شوكتهم، وصاروا يكسبون من دور القوّاد والعامّة، وإن وجدوا نبيذاً أراقوه، وإن وجدوا مغنيّة ضربوها وكسروا آلة الغناء، واعترضوا في البيع والشراء، فركب بدر الخرشَنيُّ، وهو صاحب الشُّرطة، عاشر جمادى الآخرة، ونادى في جانبَيْ بغداد، في أصحاب أبي محمّد البربهاريّ الحنابلة، ألاّ يجتمع منهم اثنان ولا يتناظروا في مذهبهم ولا يصلّي منهم إمام إلاّ إذا جهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة الصبح والعشاءَين، فلم يفد فيهم، فخرج توقيع الراضي بما يُقرأ على الحنابلة ينكر عليهم فعلهم، ويوبّخهم وأن أمير المؤمنين يقسم بالله قسماً جهداً إليه يلزمه الوفاء به لئن لم تنتهوا عن مذموم مذهبكم ومعوج طريقتكم ليوسعنّكم ضرباً وتشريداً، وقتلاً وتبديداً، وليستعملنّ السيف في رقابكم، والنار في منازلكم ومحالّكم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً