[إبطال عيد الشهيد بمصر وحرق الصندوق المزعوم أن فيه إصبع الشهيد.]
العام الهجري:٧٥٥
الشهر القمري:رجب
العام الميلادي:١٣٥٤
تفاصيل الحدث:
بعد ما حدث بمصر من فتنة أهل الذمة وما جرى من إلزامهم بالشروط العمرية وزيادة وما جرى من هدم للكنائس المحدثة وغيرها، فلما كان في أخريات رجب بلغ الأمير صرغتمش أن بناحية شبرا الخيام كنيسة فيها أصبع الشهيد التي ترمى كل سنة في النيل زعما منهم أنها تعمل على زيادة الخير والماء فيه ويعملون في هذا اليوم عيدا معروفا بعيد الشهيد يحدث فيه من المنكرات والفواحش الكثير مما يستحى من ذكره، فتحدث مع السلطان فيه، فرسم بركوب الحاجب والوالي إلى هذه الكنيسة وهدمها، فهدمت ونهبت حواصلها، وأخذ الصندوق الذي فيه أصبع الشهيد، وأحضر إلى السلطان وهو بالميدان الكبير قد أقام به فأضرمت النار، وأحرق الصندوق، بما فيه، ثم ذرى رماده في البحر، وكان يوم رمي هذا الأصبع في النيل من الأيام المشهودة، فإن النصارى كانوا يجتمعون من جميع الوجه البحري ومن القاهرة ومصر في ناحية شبرا، وتركب الناس المراكب في النيل، وتنصب الخيم التي يتجاوز عددها الحد في البر، وتنصب الأسواق العظيمة، ويباع من الخمر ما يودون به ما عليهم من الخراج، فيكون من المواسم القبيحة، وكان المظفر بيبرس قد أبطله أيام سلطنته، فأكذب الله النصارى في قولهم أن النيل لا يزيد ما لم يرم فيه أصبع الشهيد، وزاد تلك السنة حتى بلغ إلى أصبع من ثمانية عشر ذراعاً، ثم سعت الأقباط حتى أعيد رميه في الأيام الناصرية، فأراح الله منه بإحراقه، وأخذ عباد الصليب في الإرجاف بأن النيل لا يزيد في هذه السنة، فأظهر الله تعالى قدرته، وبين للناس كذبهم، بأن زاد النيل زيادة لم يعهد مثلها قبل ذلك، فإنه انتهى في الزيادة إلى أصابع من عشرين ذراعاً، فقيل خمسة، وقيل سبعة، وقيل عشرون أصبعاً، من عشرين ذراعاً، ففسدت الأقصاب والنيلة ونحوها من الزراعات، وفسدت الغلال التي بالمطامير والأجران والمخازن، وتقطعت الجسور التي بجميع النواحي، قبليها وبحريها، وتعطلت أكثر الدواليب وتهدمت دور كثيرة مما يجاور النيل والخلجان، وغرقت البساتين، وفاض الماء حتى بلغ قنطرة قديدار فكانت المراكب تصل من بولاق اليها، ويركب الناس في المراكب من بولاق إلى شبرا ودمنهور.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً