خرجت طائفة من الروسية في البحر إلى نواحي أذربيجان، وركبوا في البحر في نهر للكر، وهو نهر كبير، فانتهوا إلى بردعة، فخرج إليهم نائب المرزبان بردعة في جمع الديلم والمطوعة يزيدون على خمسة آلاف رجلن فلقوا الروس، فلم يكن إلا ساعة حتى انهزم المسلمون منهم، وقتل الديلم عن آخرهم، وتبعهم الروس إلى البلد، فهرب من كان له مركوب وترك البلد، فنزله الروس ونادوا فيه بالأمان فأحسنوا السيرة، وأقبت العساكر الإسلامية من كل ناحية فكانت الروس تقاتلهم، فلا يثبت المسلمون لهم، وغنموا أموال أهلها واستعبدوا السبي، واختاروا من النساء من استحسنوها، لما فعل الروس بأهل بردعة ما فعلوا استعظمه المسلمون، وتنادوا بالنفير، وجمع المرزبان بن محمد الناس واستنفرهم وسار بهم، فلم يقاوم الروسية، ولما طال الأمر على المرزبان أعمل الحيل، فرأى أن يكمن كميناً، ثم يلقاهم في عسكره، ويتطارد لهم، فإذا خرج الكمين عاد عليهم، فتقدم إلى أصحابه بذلك، ورتب الكمين ثم لقيهم، واقتتلوا، فتطارد لهم المرزبان وأصحابه، وتبعهم الروسية حتى جازوا موضع الكمين، فاستمر الناس على هزيمتهم لا يلوي أحد على أحد، فخرجوا من ورائهم، والتجأ الباقون إلى حصن البلد، ويسمى شهرستان، وكانوا قد نقلوا إليه ميرة كثيرة، وجعلوا معهم السبي والأموال، فحاصرهم المرزبان وصابرهم، ثم إن أصحاب المرزبان أقاموا يقاتلون الروسية، وزاد الوباء على الروسية فكانوا إذا دفنوا الرجل دفنوا معه سلاحه، فاستخرج المسلمون من ذلك شيئاً كثيراً بعد انصراف الروس، ثم إنهم خرجوا من الحصن ليلا وقد حملوا على ظهورهم ما أرادوا من الأموال وغيرها، ومضوا إلى الكر، وركبوا في سفنهم ومضوا، وعجز أصحاب المرزبان عن اتباعهم وأخذ ما معهم، فتركوهم وطهر الله البلاد منهم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً