اجتمع ابن وثاب وابن عطير، وجمعا، وأمدهما نصر الدولة بن مروان بعسكر كثيف، فساروا جميعهم إلى السويداء، وكان الروم قد أحدثوا عمارتها في ذلك الوقت، واجتمع إليها أهل القرى المجاورة لها، فحصرها المسلمون وفتحوها عنوة، وقتلوا فيها ثلاثة آلاف وخمسمائة رجل، وغنموا ما فيها، وسبوا خلقاً كثيراً، وقصدوا الرها فحصروها، وقطعوا الميرة عنها، حتى بلغ مكوك الحنطة ديناراً، واشتد الأمر، فخرج البطريق الذي فيها متخفياً، ولحق بملك الروم، وعرفه الحال، فسير معه خمسة آلاف فارس، فعاد بهم، فعرف ابن وثاب ومقدم عساكر نصر الدولة الحال، فكمنا لهم، فلما قاربوهم خرج الكمين عليهم، فقتل من الروم خلق كثير، وأسر مثلهم، وأسر البطريق وحمل إلى باب الرها، وقالوا لمن فيها إما أن تفتحوا البلد لنا، وإما قتلنا البطريق والأسرى الذين معه. ففتحوا البلد للعجز عن حفظه، وتحصن أجناد الروم بالقلعة، ودخل المسلمون، وغنموا ما فيها، وامتلأت أيديهم من الغنائم والسبي، وأكثروا القتل، وأرسل ابن وثاب إلى آمد مائة وستين راحلة عليها رؤوس القتلى وأقام محاصراً للقلعة، ثم إن حسان بن الجراح الطائي سار في خمسة آلاف فارس من العرب والروم نجدة لمن بالرها، فسمع ابن وثاب بقربه، فسار إليه مجداً ليلقاه قبل وصوله، فخرج من الرها من الروم إلى حران، فقاتلهم أهلها، وسمع ابن وثاب الخبر فعاد مسرعاً، فوقع على الروم، فقتل منهم كثيراً، وعاد المنهزمون إلى الرها.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً