كان سببها أن بعض الديلم نزل داراً بالأهواز، ونزل قريباً منه بعض الأتراك، وكان هناك لبن موضوع، فأراد غلام الديلمي أن يبني منه معلفاً للدواب، فمنعه غلام التركي، فتضاربا، وخرج كل واحد من التركي والديلمي إلى نصرة غلامه، فضعف التركي عنه، فركب واستنصر بالأتراك، فركبوا وركب الديلم، وأخذوا السلاح، فقتل بينهم بعض قواد الأتراك، وطلب الأتراك بثأر صاحبهم، وقتلوا به من الديلم قائداً أيضاً، وخرجوا إلى ظاهر البلد، واجتهد بختيار في تسكين الفتنة، فلم يمكنه ذلك، فاستشار الديلم فيما يفعله، وكان أذناً يتبع كل قائل، فأشاروا عليه بالقبض على رؤساء الأتراك لتصفو له البلاد، فأحضروا فاعتقلهم وقيدهم، وأطلق الديلم في الأتراك، فنهبوا أموالهم ودوابهم وقتل بينهم قتلى، وهرب الأتراك، وأمر فنودي بالبصرة بإباحة دم الأتراك، وكان بختيار قد واطأ والدته وإخوته أنه إذا كتب إليهم بالقبض على الأتراك يظهرون أن بختيار قد مات، ويجلسون للعزاء، فإذا حضر سبكتكين عندهم قبضوا عليه، فلما وقفوا على الكتب وقع الصراخ في داره، وأشاعوا موته، فعلم سبكتكين أن ذلك مكيدة عليه، ودعاه الأتراك إلى أن يتأمر عليهم، فركب في الأتراك، وحصر دار بختيار يومين، ثم أحرقها ودخلها، وأخذ أبا إسحاق وأبا طاهر ابني معز الدولة ووالدتهما ومن كان معهما، فسألوه أن يمكنهم من الانحدار إلى واسط، ففعل، وانحدروا، وانحدر معهم المطيع لله في الماء، فأنفذ سبكتكين فأعاد ورده إلى داره، وذلك تاسع ذي القعدة، واستولى على ما كان لبختيار جميعه ببغداد، ونزل الأتراك في دور الديلم وتتبعوا أموالهم وأخذوها، وثارت العامة من أهل السنة ينصرون سبكتكين لأنه كان يتسنن، فخلع عليهم، وجعل لهم العرفاء والقواد، فثاروا على الشيعة وحاربوهم وسفكت بينهم الدماء، وأحرقت الكرخ حريقاً ثانياً، وظهرت السنة عليهم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً