بعد وفاة "جنكيز خان" سنة (٦٢٤هـ = ١٢٢٦م)، ظل مكانه خاليًا مدة عامين، كان يقوم خلالها الابن الأصغر "تولوي" بحكم الإمبراطورية المغولية بصفته وصيًا على العرش، إلى أن اجتمع كبار أمراء البيت الحاكم، وأجمعوا على اختيار "أوكتاي" خاقاناً للمغول خلفاً لأبيه جنكيز خان. واستمر أوكتاي يحكم المغول ثلاث عشرة سنة إلى أن تُوفي سنة (٦٣٩هـ = ١٢٤١م) بعد أن أتمّ المغول في عهده فتح الصين الشمالية وجنوب روسيا وبلاد فارس؛ حيث قضى المغول على الدولة الخوارزمية. وبعد وفاته تمكنت زوجته النصرانية "توراكينا خاتون" من أن تحافظ على عرش المغول لابنها "كيوك" الابن الأكبر لأوكتاي، وعملت في الفترة التي باشرت فيها الحكم بعد وفاة زوجها على تحقيق هذا الغرض، فاستمالت قلوب كبار أمراء البيت الحاكم، حتى إذا أدركت أن الفرصة قد سنحت لتحقيق ما تصبو إليه، دعت إلى عقد مجلس الشورى (القوريلتاي) لانتخاب الخان الجديد، وحضر حفل تنصيب الخان في "قراقورم" وفود من مختلف أرجاء الدنيا. وفي هذا الاجتماع انتخب كيوك خانًا أعظم للمغول، وذلك في (التاسع من ربيع الآخر ٦٤٤هـ = ٢٤ من أغسطس ١٢٤٦م). لم يكن "كيوك" مثل أبيه ملكًا كريمًا، نبيل الخلق، طيب المعاملة مع المسلمين؛ وإنما كان رجلاً مغامرًا محاربًا، يميل إلى الغزو والفتح مثل جده جنكيز خان، وما أن استقر في الحكم حتى دعا الأمراء إلى ضرورة مراعاة أحكام القانون المغولي (الياسا)، وحذر من الخروج عليه، ثم قام بتجهيز الجيوش لمواصلة فتح الصين الجنوبية، وأوكل هذه المهمة إلى القائد المغولي الشهير "سوبوتاي"، وأوفد "إيلجتكاي" إلى إيران لفتح بقية البلاد الإسلامية، وجعل له السلطة العليا في الإشراف على شئون بلاد الروم والكرج والموصل، وديار بكر، ونصب عددًا من أمرائه والموالين له على المناطق التابعة لسلطانه. وكانت آخر أعماله أنه عقد تحالفاً مع الأرمن النصارى؛ وذلك استعدادًا لحملة كان يعدها لغزو الشام ومصر، غير أن المنية عاجلته في (٩ من ربيع الآخر ٦٤٧هـ = ٢٢ من يوليو ١٢٤٩م) لتُوقِف مشروعه.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً