للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خروج الظاهر برقوق من السجن بالكرك.]

العام الهجري:٧٩١

الشهر القمري:رمضان

العام الميلادي:١٣٨٩

تفاصيل الحدث:

خرج الملك الظاهر برقوق من سجن الكرك، واستولى على مدينتها ووافقه نائبها الأمير حسام الدين حسن الكجكني، وقام بخدمته، وقد حضر إلى الملك الظاهر برقوق ابن خاطر أمير بني عقبة من عرب الكرك ودخل في طاعته، وقدم هذا الخبر من ابن بأكيش نائب غزة، فلما سمع منطاش الذي ذكرنا أنه تغلب على الناصري وأصبح هو نائب السلطنة ذلك كاد يهلك وذلك لأنه أرسل من يقتل الظاهر برقوق في سجنه، واضطربت الديار المصرية، وكثرت القالة بين الناس، واختلفت الأقاويل، وتشغب الزعر، وكان من خبر الملك الظاهر برقوق أن منطاش لما وثب على الأمر وأقهر الأتابك يلبغا الناصري وحبسه وحبس عدة من أكابر الأمراء، عاجل في أمر الملك الظاهر برقوق بأن بعث إليه شخصاً يعرف بالشهاب البريدي ومعه كتب للأمير حسام الدين الكجكني نائب الكرك وغيره بقتل الملك الظاهر برقوق من غير مراجعة، ووعده بأشياء غير نيابة الكرك، وكان الشهاب البريدي أصله من الكرك، فجهزه منطاش لذلك سراً، فلما وصل الشهاب إلى الكرك أخرج الشهاب إلى نائبها كتاب منطاش الذي بقتل برقوق، فأخذه الكجكني منه ليكون له حجة عند قتله السلطان برقوق، ووعده بقضاء الشغل وأنزل الشهاب بمكان قلعة الكرك قريباً من الموضع الذي فيه الملك الظاهر برقوق، بعد أن استأنس به ثم قام الكجكني من فوره ودخل إلى الملك الظاهر برقوق ومعه كتاب منطاش الذي بقتله، فأوقفه على الكتاب، فلما سمعه الملك الظاهر كاد أن يهلك من الجزع، فحلف له الكجكني بكل يمين أنه لا يسلمه لأحد ولو مات، وأنه يطلقه ويقوم معه، وما زال به حتى هدأ ما به، وطابت نفسه، واطمأن خاطره، هذا وقد اشتهر في مدينة الكرك مجيء الشهاب بقتل الملك الظاهر برقوق، وكان في خدمة الملك الظاهر غلام من أهل الكرك يقال له عبد الرحمن، فنزل إلى جماعة في المدينة وأعلمهم أن الشهاب قد حضر لقتل أستاذه الملك الظاهر، فلما سمعوا ذلك اجتمعوا في الحال، وقصدوا القلعة وهجموها حتى دخلوا إلى الشهاب المذكور وهو بسكنه من قلعة الكرك، ووثبوا عليه وقتلوه، ثم جروه برجله إلى الباب الذي فيه الملك الظاهر برقوق، وكان نائب الكرك الكجكني عند الملك الظاهر، وقد ابتدأوا في الإفطار بعد أذان المغرب، وهي ليلة الأربعاء عاشر شهر رمضان من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة فلم يشعر الملك الظاهر والكجكني إلا وجماعة قد هجموا عليهم وهم يدعون للملك الظاهر بالنصر، وأخذوا الملك الظاهر بيده حتى أخرجوه من البرج الذي هو فيه، وقالوا له: دس بقدمك عند رأس عدوك، وأروه الشهاب مقتولاً ثم نزلوا به إلى المدينة فدهش النائب مما رأى، ولم يجد بداً من القيام في خدمة الملك الظاهر وتجهيزه وانضم على الملك الظاهر أقوام الكرك وأجنادها، وتسامع به أهل البلاد، فأتوه من كل فج بالتقادم والخيول، كل واحد بحسب حاله وأخذ أمر الملك الظاهر برقوق من يوم ذلك في استظهار وأما أمر منطاش فإنه لما سمع هذا الخبر وتحققه علم أنه وقع في أمر عظيم، فأخذ في تدبير أحواله فأول ما أبتدأ به أن قبض على جماعة كبيرة من المماليك الظاهرية، وسجنهم وقتل بعضهم.

(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً

<<  <  ج: ص:  >  >>