خرجت سَرِيّة من طَرَسُوس إلى بلاد الروم، فوقع عليها العدوّ، فاقتتلوا فاستظهر الروم وأسروا من المسلمين أربعمائة رجل، فقُتلوا صبراً، وفيها سار الدُّمُسْتُق في جيش عظيم من الروم إلى مدينة دَبيل، وفيها نصر السُّبُكيُّ في عسكر يحميها، وكان مع الدُّمُستُق دَبابات ومجانيق معه مِزراق يزرق بالنار عدّة اثنى عشر رجلاً، فلا يقر بين يديه أحد من شدّة ناره واتّصاله، فكان من أشدّ شيء على المسلمين، وكان الرامي به، مباشرُ القتال من أشجعهم، فرماه رجل من المسلمين بسهم فقتله، وأراح الله المسلمين من شرّه، وكان الدمستق يجلس على كرسي عالٍ يشرف على البلد وعلى عسكره، فأمرهم بالقتال على ما يراه، فصبر له أهل البلد، وهو ملازم القتال، حتى وصلوا إلى سور المدينة، فنقبوا فيه نقوباً كثيرة، ودخلوا المدينة، فقاتلهم أهلها ومَن فيها من العسكر قتالاً شديداً، فانتصر المسلمون، وأخرجوا الروم منها، وقتلوا منهم نحو عشرة آلاف رجل، وفي هذه السنة، في ذي القعدة، عاد ثمل إلى طَرَسُوس من الغزاة الصائفة سالماً هو ومَن معه فلقوا جمعاً كثيراً من الروم، فاقتتلوا فانتصر المسلمون عليهم وقتلوا من الروم كثيراً، وغنموا ما لا يحصى، وكان من جملة ما غنموا أنّهم ذبحوا من الغنم في بلاد الروم ثلاثمائة ألف رأس، سوى ما سلم معهم، ولقيهم رجل يُعرف بابن الضحّاك، وهو من رؤساء الأكراد، وكان له حصن يُعرف بالجعفريّ، فارتدّ عن الإسلام وصار إلى ملك الروم فأجزل له العطية، وأمره بالعود إلى حصنه، فلقيه المسلمون، فقاتلوه، وأسروه، وقتلوا كلّ مَن معه.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً