كانت غزوة الفتح سنة ثمان للهجرة، والذي اتفق عليه أهل السير أنه خرج صلى الله عليه وسلم في عاشر رمضان ودخل مكة لتسع عشرة ليلة خلت منه. وكان سببها أن المشركين قد نقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأغاروا على إحدى القبائل المحالفة للرسول عليه الصلاة والسلام، وهي قبيلة خزاعة ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر أمر الناس بالتجهز دون أن يخبرهم بوجهته. ثم مضى حتى نزل بمر الظهران وهو واد قريب من مكة. وفي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ فَسَارَ هُوَ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ يَصُومُ وَيَصُومُونَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، وَهْوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ - أَفْطَرَ وَأَفْطَرُوا. وكان أبو سفيان قد رأى جيش النبي صلى الله عليه وسلم قبل دخوله مكة، فهاله ما رأى. ثم أسلم في أثناء ذلك. ثم جاء إلى قومه وصرخ فيهم محذرا لهم بأن لا قبل لهم بجيش محمد صلى الله عليه وسلم، وقال لهم ما قاله عليه الصلاة والسلام: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة. وقد أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دم بعض المشركين يوم الفتح. ووجد عليه الصلاة والسلام حول البيت ثلاثمائة وستين نصبا، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول:(جاء الحق وزهق الباطل، جاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد). وقد تفاوتت الروايات في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم عام الفتح، والأرجح - والله أعلم - أنها كانت تسعة عشر يوما.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً