لما استقر المعز الفاطمي بالديار المصرية وابتنى فيها القاهرة والقصرين وتأكد ملكه، سار إليه الحسين بن أحمد القرمطي من الأحساء في جمع كثيف من أصحابه، والتف معه أمير العرب ببلاد الشام وهو حسان بن الجراح الطائي، في عرب الشام بكمالهم، فلما سمع بهم المعز الفاطمي أسقط في يده لكثرتهم، وكتب إلى القرمطي يستميله ويقول: إنما دعوة آبائك كانت إلى آبائي قديما، فدعوتنا واحدة، ويذكر فيه فضله وفضل آبائه، فرد عليه الجواب: وصل كتابك الذي كثر تفضيله وقل تحصيله ونحن سائرون إليه على إثره والسلام، فلما انتهوا إلى ديار مصر عاثوا فيها قتلا ونهبا وفسادا وحار المعز فيما يصنع وضعف جيشه عن مقاومتهم، فعدل إلى المكيدة والخديعة، فراسل حسان بن الجراح أمير العرب ووعده بمائة ألف دينار إن هو خذل بين الناس، فبعث إليه حسان يقول أن ابعث إلي بما التزمت وتعال بمن معك، فإذا لقيتنا انهزمت بمن معي فلا يبقى للقرمطي قوة فتأخذه كيف شئت، فأرسل إليه بمائة ألف دينار في أكياسها، ولكن أكثرها زغل ضرب النحاس وألبسه ذهبا وجعله في أسفل الأكياس، وجعل في رؤوسها الدنانير الخالصة، ولما بعثها إليه ركب في إثرها في جيشه فالتقى الناس فانهزم حسان بمن معه، فضعف جانب القرمطي وقوي عليه الفاطمي فكسره، وانهزمت القرامطة ورجعوا إلى أذرعات في أذل حال وأرذله، وبعث المعز في آثارهم القائد أبا محمود بن إبراهيم في عشرة آلاف فارس، ليحسم مادة القرامطة ويطفئ نارهم عنه.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً