سار علي بن دبيس هارباً، فملكها؛ وكان سبب ذلك أن السلطان لما أراد الرحيل من بغداد أشار عليه المهلهل أن يحبس علي ابن دبيس بقلعة تكريت، فعلم ذلك، فهرب في جماعة يسيرة نحو خمسة عشر، فمضى إلى الأزيز، وجمع بني أسد وغيرهم، وسار إلى الحلة وبها أخوه محمد بن دبيس، فقاتله، فانهزم محمد، وملك علي الحلة، واستهان السلطان أمره أولاً، فاستفحل وضم إليه جمعاً من غلمانه وغلمان أبيه وأهل بيته وعساكرهم، وكثر جمعهم، فسار إليه مهلهل فيمن معه في بغداد من العسكر، وضربوا معه مصافاً، فكسرهم وعادوا منهزمين إلى بغداد وكان أهلها يتعصبون لعلي بن دبيس، وكانوا يصيحون، إذا ركب مهلهل وبعض أصحابه: يا علي! كله. وكثر ذلك منهم بحيث امتنع مهلهل من الركوب، ومد علي يده في أقطاع الأمراء بالحلة، وتصرف فيها، وصار شحنة بغداد ومن فيها على وجل منه، وجمع الخليفة جماعة وجعلهم على السور لحفظه، وراسل علياً، فأعاد الجواب بأنني العبد المطيع مهما رسم لي فعلت؛ فسكن الناس، ووصلت الأخبار بعد ذلك أن السلطان مسعوداً تفرق خصومه عنه، فازداد سكون الناس.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً