عزم شارل الخامس على القيام بحملة عسكرية تستهدف القضاء على حركة الجهاد الإسلامي في الحوض الغربي للبحر المتوسط وقبل أن يشرع في تنفيذها كان هدوءاً نسبياً يسود القارة الأوربية إثر عقد هدنة نيس في محرم ٩٤٥هـ/ يونيو ١٥٣٨م مع فرنسا والتي كانت مدتها عشر سنوات رسا شارل الخامس أمام مدينة الجزائر في يوم الثامن والعشرون من شهر جمادى الآخر من هذه السنة, وعندما شاهده حسن آغا الطوشي، اجتمع في ديوانه مع أعيان الجزائر وكبار رجال الدولة، وحثهم على الجهاد والدفاع عن الإسلام والوطن ثم بدأ حسن آغا في إعداد جيوشه والاستعداد للمعركة من ناحية أخرى بدأ الأسبان في تحضير متاريسهم وتعجب شارل الخامس لاستعدادات حسن آغا وأراد أن يستهزئ به، وفي الليلة ذاتها، وصل إلى معسكر شارلكان رسول من قبل والي الجزائر يطلب إذناً للسماح بحرية المرور لمن أراد من أهل الجزائر وخاصة نساءها وأطفالها مغادرة المدينة عبر (باب الواد) وعرف (شارلكان) أن حامية الجزائر مصممة على الدفاع المستميت، وأنه من المحال احتلال الجزائر إلا إذا تم تدميرها تدميراً تاماً، ولم يكن الإمبراطور قد أنزل مدفعية الحصار حتى تلك الساعة، فلم يتمكن بذلك من قصف الجزائر بالمدفعية، وفي الوقت نفسه كان المجاهدون يوجهون ضرباتهم الموجعة إلى القوات الأسبانية، في كل مكان، وكانت أعداد المجاهدين تتعاظم باستمرار بفضل تدفق مقاتليهم من كل مكان بمجرد سماعهم بإنزال القوات الأسبانية وكان المجاهدون يستفيدون في توجيههم لضرباتهم من معرفتهم الدقيقة بالأرض واستخدامهم لمميزاتها بشكل رائع وسخر الله لجنود الإسلام الأمطار والرياح والأمواج وهبت ريح عاصف استمرت عدة أيام واقتلعت خيام جنود الحملة وارتطمت السفن بعضها ببعض مما أدى إلى غرق كثير منها وقذفت الأمواج الصاخبة ببعض السفن إلى الشاطئ وهجم عليها المدافعون المسلمون واستولوا على أدواتها وذخائرها، أما الأمطار فقد أفسدت مفعول البارود، وفي وسط هذه الكوارث حاول الإمبراطور مهاجمة مدينة الجزائر، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل واضطر الإمبراطور إلى الانسحاب مع بقية جنوده على ما تبقى لهم من سفن واتجه بأسطوله إلى إيطاليا بدلاً من أسبانيا.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً