[انتصارات الموحدين على الأسبان النصارى في معركة الأندلس.]
العام الهجري:٥٩١
الشهر القمري:شعبان
العام الميلادي:١١٩٥
تفاصيل الحدث:
غزا أبو يوسف يعقوب بن عبد المؤمن، صاحب بلاد المغرب والأندلس، بلاد الفرنج بالأندلس؛ وسبب ذلك أن ألفونسو ملك الفرنج بها، ومقر ملكه مدينة طليطلة، كتب إلى يعقوب كتاباً فحواه أنه يريد الإغارة على البلاد والقتل وأنه لا مانع له من ذلك ويستهزئ بقوة المسلمين ويتهمهم بالضعف مع أنهم أي المسلمون مأمورون بالجهاد حتى لو كان العدو ضعف العدد، واستهزأ بالملك أبي يوسف يعقوب، فلما وصل كتابه وقرأه يعقوب كتب في أعلاه هذه الآية:{ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون}[النمل ٣٧]، وأعاده إليه، وجمع العساكر العظيمة من المسلمين وعبر المجاز إلى الأندلس، وقيل: كان سبب عبوره إلى الأندلس أن يعقوب لما قاتل الفرنج سنة ست وثمانين وصالحهم، بقي طائفة من الفرنج لم ترض الصلح، فلما كان الآن جمعت تلك الطائفة جمعاً من الفرنج، وخرجوا إلى بلاد الإسلام، فقتلوا وسبوا وغنموا وأسروا، وعاثوا فيها عيثاً شديداً، فانتهى ذلك إلى يعقوب، فجمع العساكر، وعبر المجاز إلى الأندلس في جيش يضيق عنهم الفضاء، فسمعت الفرنج بذلك، فجمعت قاصيهم ودانيهم، فالتقوا، تاسع شعبان، شمالي قرطبة عند قلعة رياح، بمكان يعرف بمرج الحديد، فاقتتلوا قتالاً شديداً، فكانت الدائرة أولاً على المسلمين، ثم عادت على الفرنج، فانهزموا أقبح هزيمة وانتصر المسلمون وغنم المسلمون منهم شيئاً عظيماً، ولما انهزم الفرنج اتبعهم أبو يوسف، فرآهم قد أخذوا قلعة رياح، وساروا عنها من الرعب والخوف، فملكها، وجعل فيها والياً، وجنداً يحفظونها، وعاد إلى مدينة إشبيلية، وأما ألفونسو فإنه لما انهزم حلق رأسه، ونكس صليبه، وركب حماراً، وأقسم أن لا يركب فرساً ولا بغلاً حتى تنصر النصرانية، فجمع جموعاً عظيمة، وبلغ الخبر بذلك إلى يعقوب، فأرسل إلى بلاد الغرب مراكش وغيرها يستنفر الناس من غير إكراه، فأتاه من المتطوعة والمرتزقين جمع عظيم، فالتقوا في ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، فانهزم الفرنج هزيمة قبيحة، وغنم المسلمون ما معهم من الأموال والسلاح والدواب وغيرها، وتوجه إلى مدينة طليطلة فحصرها، وقاتلها قتالاً شديداً، وقطع أشجارها، وشن الغارة على ما حولها من البلاد، وفتح فيها عدة حصون، فقتل رجالها، وسبى حريمها، وخرب دورها، وهدم أسوارها، فضعفت النصرانية حينئذ، وعظم أمر الإسلام بالأندلس، وعاد يعقوب إلى إشبيلية فأقام بها، فلما دخلت سنة ثلاث وتسعين سار عنها إلى بلاد الفرنج، وذلوا، واجتمع ملوكها، وأرسلوا يطلبون الصلح، فأجابهم إليه بعد أن كان عازماً على الامتناع مريداً لملازمة الجهاد إلى أن يفرغ منهم، فأتاه خبر علي بن إسحق الملثم الميورقي أنه فعل بإفريقية من الأفاعيل الشنيعة، فترك عزمه، وصالحهم مدة خمس سنين، وعاد إلى مراكش آخر سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً