[تحرير إمارة عكا من الوجود الصليبي وهي آخر معاقلهم.]
العام الهجري:٦٩٠
الشهر القمري:جمادى الآخرة
العام الميلادي:١٢٩١
تفاصيل الحدث:
شرع السلطان في الاهتمام بفتح عكا، وبعث الأمير عز الدين أيبك الأفرم أمير جاندار إلى الشام لتجهيز أعواد المجانيق، فقدم دمشق في سلخه وجهزت أعواد المجانيق من دمشق، وبرزت في أول ربيع الأول وتكاملت في ثاني عشره، وسار بها الأمير علم الدين سنجر الدواداري أحد أمراء الشام، ثم فرقت على الأمراء مقدمي الألوف، فتوجه كل أمير ومضافيه بما أمر بنقله منها، وتوجه الأمير حسام الدين لاجين نائب الشام بالجيش من دمشق في العشرين منه، وخرج من القاهرة الأمير سيف الدين طغريل الأيغاني إلى استنفار الناس من الحصون بممالك الشام: فوصل المظفر صاحب حماة إلى دمشق في ثالث عشريه، بعسكره وبمجانيق وزردخاناه، ووصل الأمير سيف الدين بلبان الطباخي نائب الفتوحات بعساكر الحصون وطرابلس، وبالمجانيق والزردخاناه في رابع عشريه، وسار جميع النواب بالعساكر إلى عكا، وفي يوم الثلاثاء ثالث ربيع الأول: توجه السلطان بالعساكر يريد أخذ عكا، وسير حريمه إلى دمشق فوصلوا إليها في سابع ربيع الآخر، وسار السلطان فنزل عكا في يوم الخميس ثالث ربيع الآخر، ووصلت المجانيق يوم ثاني وصوله وعدتها اثنان وتسعون منجنيقاً، فتكامل نصبها في أربعة أيام، وأقيمت الستائر ووقع الحصار، وقد أتت جمائع الفرنج إلى عكا أرسالاً من البحر، صار بها عالم كبير، فاستمر الحصار إلى سادس عشر جمادى الأولى، وكثرت النقوب بأسوار عكا، فلما كان يوم الجمعة سابع عشره عزم السلطان على الزحف، فرتب كوساته على ثلاثمائة جمل، وأمر أن تضرب كلها دفعة واحدة، وركب السلطان وضربت فهال ذلك أهل عكا، وزحف بعساكره ومن اجتمع معه قبل شروق الشمس، فلم ترتفع الشمس حتى علت الصناجق الإسلامية على أسوار عكا، وهرب الفرنج في البحر وهلك منهم خلق كثير في الازدحام، والمسلمون يقتلون ويأسرون وينهبون فقتلوا ما لا يحصي عده كثرة، وأخذوا من النساء والصبيان ما يتجاوز الوصف، وكان عند فتحها أن أقبل من الفرنج نحو عشرة آلاف في هيئة مستأمنين، ففرقهم السلطان على الأمراء فقتلوهم عن آخرهم، وكانت مدة حصار عكا أربعة وأربعين يوما، واستشهد من المسلمين الأمير علاء الدين كشتغدي الشمسي ودفن بجلجولية، وعز الدين أيبك العزي نقيب العساكر، وسيف الدين أقمش الغتمي، وبدر الدين بيليك المسعودي، وشرف الدين قيران السكزي، وأربعة من مقدمي الحلقة وجماعة من العسكر، وفي يوم السبت ثامن عشره: وقع الهدم في مدينة عكا، فهدمت الأسوار والكنائس وغيرها وحرقت، وحمل كثير من الأسرى بها إلى الحصون الإسلامية.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً