خير الدين بن محمود بن محمد بن علي فارس الزركلي ولد في بيروت في ليلة ٩ من ذي الحجة ١٣١٠هـ، ونشأ في دمشق حيث موطن أبيه وأمه، وتعلم في إحدى مدارسها الأهلية، وأخذ عن علمائها على الطريقة القديمة التي كانت سائدة آنذاك في التعليم، وأقبل على قراءة كتب الأدب، وجرى لسانه بنظم الشعر، وصحب مخطوطات المكتبة الظاهرية فكان لا يفارقها إلا لساعات قليلة. أصدر مجلة أسبوعية بعنوان "الأصمعي" والتحق بمدرسة "اللاييك" أستاذا للتاريخ والأدب العربي وهو دون الخامسة والعشرين، وأصدر في دمشق جريدة يومية باسم "المفيد"، وفي أثناء ذلك كان ينظم القصائد الحماسية التي تتغنى بأمجاد الوطن، ويتعلق بآمال الحرية والاستقلال حتى دخل الفرنسيون دمشق، فغادر إلى عمان. وبعد مغادرته البلاد قرر المجلس العسكري التابع للفرقة الثانية في الجيش الفرنسي الحكم غيابيًا بإعدام خير الدين ومصادرة أملاكه؛ وفي عمان عُيِّن الزركلي مفتشا عاما للمعارف سنة ١٣٤٠هـ ثم تولى رئاسة ديوان الحكومة. ثم عاد إلى دمشق بعد إيقاف تنفيذ حكم الإعدام عليه، وأخذ عائلته واتجه إلى القاهرة سنة ١٣٤٢هـ وأنشأ بها المطبعة العربية، وطبع بها كتباً كثيرة. ثم ذهب إلى القدس سنة ١٣٤٩هـ وأصدر مع زميل له جريدة "الحياة اليومية"، لكن الحكومة الإنجليزية عطلتها، واتفق مع أصدقاء آخرين على إصدار جريدة يومية في يافا، وأعد لها مطبعة، لكن الجريدة لم يصدر منها سوى عدد واحد، وأغلقت أبوابها بسبب التحاقه بالعمل الدبلوماسي في الحكومة السعودية سنة ١٣٥٣ هـ حيث عمل مستشارًا بالوكالة في المفوضية العربية للسعودية بمصر، وكان أحد المندوبين السعوديين في المداولات التي سبقت إنشاء جامعة الدول العربية وفي التوقيع على ميثاقها، ومثّل الحكومة السعودية في عدة مؤتمرات دولية، وانتُدب في سنة ١٣٦٦هـ لإدارة وزارة الخارجية بجدة متناوبا مع الشيخ يوسف ياسين وزير الخارجية بالنيابة، ثم عين وزيرا مفوضا ومندوبا دائما لدى الجامعة العربية في سنة ١٣٧١هـ، ثم عمل سفيرا للسعودية بالمغرب سنة ١٣٧٧هـ. ومن مؤلفاته:(ما رأيت وما سمعت)، (عامان في عمان)، (الملك عبد العزيز في ذمة التاريخ)، (صفحة مجهولة من تاريخ سوريا في العهد الفيصلي)، (الأعلام) وهو أشهر كتبه. انتخب عضوا بالمجمع العلمي العربي بدمشق سنة ١٣٤٩هـ، واختير عضوا مراسلاً بمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة ١٣٦٦هـ، وبالمجمع العلمي العراقي سنة١٣٨٠هـ، وظل بعد خروجه من العمل الدبلوماسي مقيماً بالقاهرة التي عاش فيها أغلب حياته، وفي إحدى زياراته إلى دمشق أصابته وعكة صحية ألزمته الفراش بضعة أسابيع، فلما قرب على الشفاء رحل إلى القاهرة للاستجمام، لكن الحياة لم تطل به فوافته المنية على ضفاف النيل في ٣ من ذي الحجة رحمه الله.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً