إن كثيرا من الكتاب من المسلمين وغيرهم يعتبرون أصل مصطفى كمال من يهود الدونمة فهو من سلانيك وهي مهبط اليهود ومقرهم ومنها خرج وفيها نشأ، ثم إن أدواره التي لعبها توحي بالعمالة الغربية، فقد صنعه الغرب ليظهر في صورة البطل ليكون مقبولا عند الناس، ويكفي أن أعماله تدل على باطنه، فمنع الخليفة من الخروج للصلاة ثم خفض مخصصاته للنصف وحكم مصطفى كمال البلاد بالحديد والنار، وضمن تأييد الدول العظمى لسياسته التعسفية. وألغى الخلافة، لقد نفذ مصطفى كمال المخطط كاملاً وابتعد عن الخطوط الإسلامية ودخلت تركيا لعمليات التغريب البشعة؛ فألغيت وزارة الأوقاف سنة ١٣٤٣هـ/١٩٢٤م، وعهد بشؤونها إلى وزارة المعارف. وفي عام ١٣٤٤هـ/١٩٢٥م أغلقت المساجد وقضت الحكومة في قسوة بالغة على كل تيار ديني وواجهت كل نقد ديني لتدبيرها بالعنف. وفي عام (١٣٥٠ - ١٣٥١هـ/١٩٣١ - ١٩٣٢م) حددت عدد المساجد ولم تسمح بغير مسجد واحد في كل دائرة من الأرض يبلغ محيطها ٥٠٠متر وأعلن أن الروح الإسلامية تعوق التقدم. وتمادى مصطفى كمال في تهجمه على المساجد فخفض عدد الواعظين الذين تدفع لهم الدولة أجورهم إلى ثلاثمائة واعظ، وأمرهم أن يفسحوا في خطبة الجمعة مجالاً واسعاً للتحدث على الشؤون الزراعية والصناعية وسياسة الدولة وكيل المديح له. وأغلق أشهر جامعين في إستانبول وحول أولهما وهو مسجد آيا صوفيا إلى متحف، وحول ثانيهما وهو مسجد الفاتح إلى مستودع. أما الشريعة الإسلامية فقد استبدلت وحل محلها قانون مدني أخذته حكومة تركيا عن القانون السويسري عام ١٣٤٥هـ/١٩٢٦م. وغيرت التقويم الهجري واستخدمت التقويم الجريغوري الغربي، فأصبح عام ١٣٤٢هـ ملغياً في كل أنحاء تركيا وحل محله عام ١٩٢٦م. وفي دستور عام ١٣٤٧هـ/١٩٢٨م أغفل النص على أن تركيا دولة إسلامية، وغير نص القسم الذي يقسمه رجال الدولة عند توليهم لمناصبهم، فأصبحوا يقسمون بشرفهم على تأدية الواجب بدلاً من أن يحلفوا بالله كما كان عليه الأمر من قبل. وفي عام ١٩٣٥م غيرت الحكومة العطلة الرسمية فلم يعد الجمعة، بل أصبحت العطلة الرسمية للدولة يوم الأحد، وأصبحت عطلة نهاية الاسبوع تبدأ منذ ظهر يوم السبت وتستمر حتى صباح يوم الاثنين وأهملت الحكومة التعليم الديني كلية في المدارس الخاصة، ثم تم إلغاءه بل أن كلية الشريعة في جامعة استانبول بدأت تقلل من أعداد طلابها التي أغلقت عام ١٣٥٢هـ/١٩٣٣م. وأمعنت حكومة مصطفى كمال في حركة التغريب فأصدرت قراراً بإلغاء لبس الطربوش وأمرت بلبس القبعة تشبهاً بالدول الأوروبية، وفي عام ١٣٤٨هـ/١٩٢٩م بدأت الحكومة تفرض إجبارياً استخدام الأحرف اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلاً من الأحرف العربية. وبدأت الصحف والكتب تصدر بالأحرف اللاتينية وحذفت من الكليات التعليم باللغة العربية واللغة الفارسية، وحرم استعمال الحرف العربي لطبع المؤلفات التركية وأما الكتب التي سبق لمطابع استانبول أن طبعتها في العهود السالفة، فقد صدرت إلى مصر، وفارس، والهند، وهكذا قطعت حكومة تركيا مابين تركيا وماضيها الإسلامي من ناحية، وما بينها وبين المسلمين في سائر البلدان العربية والإسلامية من ناحية أخرى، وأخذ أتاتورك ينفخ في الشعب التركي روح القومية، واستغل مانادى به بعض المؤرخين من أن لغة السومريين أصحاب الحضارة القديمة في بلاد مابين النهرين كانت ذات صلة باللغة التركية فقال: بأن الأتراك هم أصحاب أقدم حضارة في العالم ليعوضهم عما أفقدهم إياه من قيم بعد أن حارب كل نشاط إسلامي وخلع مصطفى كمال على نفسه (أتاتورك) ومعناه أبو الأتراك، وعملت حكومته على إلغاء حجاب المرأة وأمرت بالسفور، وألغي قوامة الرجل على المرأة وأطلق لها العنان باسم الحرية والمساواة، وشجع الحفلات الراقصة والمسارح المختلطة والرقص. وأمر بترجمة القرآن إلى اللغة التركية ففقد كل معانيه ومدلولاته، وأمر أن يكون الأذان باللغة التركية، عمل على تغيير المناهج الدراسية وأعيد كتابة التاريخ من أجل إبراز الماضي التركي القومي، وجرى تنقية اللغة التركية من الكلمات العربية والفارسية، واستبدلت بكلمات أوروبية أو حثية قديمة. إن الحقيقة المرة أن مصطفى كمال أصبح نموذجاً صارخاً للحكام في العالم الإسلامي وكان لأسلوبه الاستبدادي الفذ أثره في سياسات من جاء بعده منهم، كما أنه أعطى الاستعمار الغربي مبرراً كافياً للقضاء على الإسلام فإن فرنسا مثلاً بررت حرصها على تنصير بلاد شمال الأفريقي وإخراجها من دينها وعقيدتها واسلامها بأنه لايجب عليها أن تحافظ على الإسلام أكثر من الأتراك المسلمين أنفسهم لقد أصبح مصطفى كمال زعيماً روحياً لكثير من الحكام الذين باعوا آخرتهم بدنياهم الزائلة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً