في يوم الخميس أول شعبان خلع السلطان الملك الأشرف كجك من السلطة، وكانت مدته خمسة أشهر وعشرة أيام لم يكن له فيها أمر ولا نهي، وتدبير أمور الدولة كلها إلى قوصون، وكان إذا حضرت العلامة أعطي قلماً في يده، وجاء فقيهه الذي يقرئ أولاد السلطان، فكيف العلامة والقلم في يد السلطان، فلما استولى الأمير أيدغمش على الدولة بعد قوصون، وقرر مع الأمراء خلع الأشرف كجك في يوم الخميس أول شعبان، بعث الأمير جنكلي بن البابا والأمير بيبرس الأحمدي والأمير قماري أمير شكار إلى السلطان أحمد بن الناصر محمد بن قلاوون بالكرك بكتب الأمراء يخبرونه بما وقع، ويستدعونه إلى تخت ملكه، فلما كان يوم الأربعاء سابع عشر رمضان قدم قاصد السلطان إلى الأمير أيدغمش بأن السلطان يأتي ليلاً من باب القرافة، وأمره أن يفتح له باب السر حتى يعبر منه، ففتحه، وجلس أيدغمش وألطنبغا المارداني حتى مضى جانب من ليلة الخميس ثامن عشريه، أقبل السلطان في نحو العشرة رجال من أهل الكرك، وقد تلثم وعليه ثياب مفرجة، فتلقوه وسلموا عليه، فلم يقف معهم، وأخذ جماعته ودخل بهم، ورجع الأمراء وهم يتعجبون من أمره، وأصبحوا فدقت البشائر بالقلعة، وزينت القاهرة ومصر، فلما كان يوم الاثنين عاشر شوال ألبس السلطان، وجلس على تخت الملك، وقد حضر الخليفة الحاكم بأمر الله وقضاة مصر الأربعة، وقضاة دمشق الأربعة، وجميع الأمراء والمقدمين، وعهد إليه الخليفة، وقبل الأمراء الأرض على العادة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً