هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني، أحد الأئمة الأربعة المشهورين في الفقه، ولد في بغداد ونشأ وتعلم بها ورحل كثيرا، وعني بطلب الحديث، تفقه على الشافعي، وكان له اجتهاد أيضا، حتى صار إماما في الحديث والعلل إماما في الفقه، كل ذلك مع ورع وزهد وتقشف، وإليه تنسب الحنابلة، هو الذي وقف وقفته المشهورة في مسألة خلق القرآن فأبى أن يجيبهم على بدعتهم فضرب بالسياط أيام المعتصم وبقي قبلها تحت العذاب قرابة الأربع سنين وكل ذلك هو ثابت بتثبيت الله له، ثم في عهد الواثق منع من الفتيا وأمر بلزوم بيته كإقامة جبرية ولم ينفرج أمره حتى جاء المتوكل ورفع هذه المحنة، فبقي قرابة الأربع عشرة سنة في هذه المحنة بين ضرب وحبس وإقامة جبرية، فكان من الذين قال الله فيهم {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} وكان الذين ثبتوا على الفتنة فلم يجيبوا بالكلية أربعة أحمد بن حنبل وهو رئيسهم، ومحمد بن نوح بن ميمون الجند النيسابوري، ومات في الطريق، ونعيم بن حماد الخزاعي، وقد مات في السجن، وأبو يعقوب البويطي وقد مات في سجن الواثق على القول بخلق القرآن، وكان مثقلا بالحديد، وأحمد بن نصر الخزاعي، قال يحيى بن معين: كان في أحمد بن حنبل خصال ما رأيتها في عالم قط: كان محدثا، وكان حافظا، وكان عالما، وكان ورعا، وكان زاهدا، وكان عاقلا، وقال الشافعي خرجت من العراق فما تركت رجلا أفضل ولا أعلم ولا أورع ولا أتقى من أحمد بن حنبل، له كتاب المسند المشهور وله غير ذلك في الجرح والتعديل والعلل، توفي في بغداد وكانت جنازته مشهودة، فرحمه الله تعالى وجزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً