دعا دي فريسينيه رئيس وزراء فرنسا الدول الأوربية الكبرى إلى عقد مؤتمر للنظر في المسألة المصرية، فلبى الدعوة كل من إنجلترا وألمانيا وروسيا وإيطاليا والنمسا، وأما تركيا فإنها رفضت الفكرة. وعقد المؤتمر في يوم ٢٣ يونيو ١٨٨٢م، وقرر المؤتمر في جلسته الأولى إرسال مذكرة إلى الباب العالي يبلغه نبأ اجتماعه، ويأسف لعدم انعقاده برئاسة وزير الخارجية العثمانية، ويعرب عن أمله في اشتراك تركيا في اجتماعاته المقبلة. وفى الاجتماع الثاني يوم ٢٥ يونيو ١٨٨٢م وقبل البدء في المداولات أبرم العهد المشهور بميثاق النزاهة Protocole de Desinteressement وهذا نصه: تتعهد الحكومات التي يوقع مندوبوها على هذا القرار بأنها في كل اتفاق يحصل بشأن تسوية المسألة المصرية لا تبحث عن احتلال أي جزء من أراضي مصر، ولا الحصول على امتياز خاص بها، ولا على نيل امتياز تجاري لرعاياها لا يخوّل لرعايا الحكومات الأخرى وقد وقعه أعضاء المؤتمر جميعاً. وقرر المؤتمر في جلسته الثالثة يوم ٢٧ يونيو وقد انضمت إليه تركيا وجوب التدخل في مصر لإخماد الثورة، وأن يعهد إلى تركيا بهذه المهمة بأن ترسل إلى مصر قوة كافيه من الجند لإعادة الأمن والنظام إليها، وأخذ يتداول في الجلسات التالية في شروط هذا التدخل وحدوده، ووضع المؤتمر في جلسته السابعة يوم ٦ يوليه سنة ١٨٨٢ قواعد هذا التدخل وهي: أن يحترم الجيش الذي ترسله تركيا مركز مصر وامتيازاتها التي نالتها بموجب الفرمانات السابقة والمعاهدات، وأن يخمد الثورة العسكرية ويعيد إلى الخديوي سلطته، ثم يشرع في إصلاح النظم العسكرية في مصر، وأن تكون مدة إقامته في مصر ثلاثة شهور إلا إذا طلب الخديوي مدها إلى المدة التي تتفق عليها الحكومة المصرية مع تركيا والدول الأوروبية العظمى، ويعين قواد هذا الجيش بالاتفاق مع الخديوي، وتكون نفقاته على حساب مصر ويعين مقدارها، بالاتفاق مع مصر وتركيا والدول الست العظمى الأوربية. وأقرت الدول الأوربية هذه القرارات ووافقت على تقديمها إلى الحكومة التركية، فأرسلت إليها ولكنها لم تقرها.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً