لم يبق لها رسم يعرف، وكان موضعها من قبة الهواء، التي صار مكانها الآن قلعة الجبل، إلى جامع ابن طولون المذكور وهو طول القطائع، وأما عرضها فإنه كان من أول الزميلة من تحت القلعة إلى الموضع الذي يعرف الآن بالأرض الصفراء عند مشهد الرأس الذي يقال له الآن زين العابدين، وكانت مساحة القطائع ميلا في ميل. وقبة الهواء كانت في السطح الذي عليه قلعة الجبل. وتحت قبة الهواء كان قصر ابن طولون. وموضع هذا القصر الميدان السلطاني الآن الذي تحت قلعة الجبل بالرميلة. وكان موضع سوق الخيل والحمير والبغال والجمال بستانا. يجاورها الميدان الذي يعرف اليوم بالقبيبات؟ فيصير الميدان فيما بين القصر والجامع الذي أنشأه أحمد بن طولون المعروف به. وبجوار الجامع دار الإمارة في جهته القبلية، ولها باب من جدار الجامع يخرج منه إلى المقصورة المحيطة بمصلى الأمير إلى جوار المحراب، وهناك دار الحرم. والقطائع عدة قطع يسكن فيها عبيد الأمير أحمد بن طولون وعساكره وغلمانه. وسبب بناء ابن طولون القصر والقطائع كثرة مماليكه وعبيده، فضاقت دار الإمارة عليه، فركب إلى سفح الجبل وأمر بحرث قبور اليهود والنصارى، واختط موضعهما وبنى القصر والميدان المقدم ذكرهما، ثم أمر لأصحابه وغلمانه أن يختطوا لأنفسهم حول قصره وميدانه بيوتا واختطوا وبنوا حتى اتصل البناء بعمارة الفسطاط - أعني بمصر القديمة ثم بنيت القطائع وسميت كل قطيعة باسم من سكنها. قال القضاعي: وكان للنوبة قطيعة مفردة تعرف بهم، وللروم قطيعة مفردة تعرف بهم، وللفراشين قطيعة مفردة، تعرف بهم، ولكل صنف من الغلمان قطيعة مفردة تعرف بهم وبنى القواد مواضع متفرقة، وعمرت القطائع عمارة حسنة وتفرقت فيها السكك والأزقة، وعمرت فيها المساجد الحسان والطواحين والحمامات والأفران والحوانيت والشوارع ثم جعل بالقرب من قصره حجرة فيها رجال سماهم بالمكبرين عدتهم اثنا عشر رجلا، يبيت في كل ليلة منهم أربعة يتعاقبون بالليل نوبا، يكبرون ويهللون ويسبحون ويقرؤون القرآن بطيب الألحان ويترسلون بقصائد زهدية ويؤذنون أوقات الأذان وكان هو أيضاً من أطيب الناس صوتا
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً