أقبل يحيى بن زكرويه بن مهرويه أبو قاسم القرمطي المعروف بالشيخ في جحافله فعاث بناحية الرقة فسادا فجهز إليه الخليفة جيشا نحو عشرة آلاف فارس، وكان قد سار إلى دمشق وحاصرها فقتل يحيى بن زكرويه على باب دمشق زرقه رجل من المغاربة بمزراق نار فقتله، ففرح الناس بقتله، وكان هذا المغربي من جملة جيش المصريين، فقام بأمر القرامطة من بعده أخوه الحسين وتسمى بأحمد وتكنى بأبي العباس وتلقب بأمير المؤمنين، وأطاعه القرامطة، فحاصر دمشق فصالحه أهلها على مال، ثم سار إلى حمص فافتتحها وخطب له على منابرها، ثم سار إلى حماة ومعرة النعمان فقهر أهل تلك النواحي واستباح أموالهم وحريمهم، وكان يقتل الدواب والصبيان في المكاتب، ويبيح لمن معه وطئ النساء، فربما وطئ الواحدة الجماعة الكثيرة من الرجال، فإذا ولدت ولدا هنأ به كل واحد منهم الآخر، فكتب أهل الشام إلى الخليفة ما يلقون من هذا اللعين، فجهز إليهم جيوشا كثيفة، وأنفق فيهم أموالا جزيلة وركب في رمضان فنزل الرقة وبث الجيوش في كل جانب لقتال القرامطة وكان القرمطي هذا يكتب إلى أصحابه:" من عبد الله المهدي أحمد بن عبد الله المهدي المنصور الناصر لدين الله القائم بأمر الله الحاكم بحكم الله، الداعي إلى كتاب الله، الذاب عن حريم الله، المختار من ولد رسول الله " وكان يدعي أنه من سلالة علي بن أبي طالب من فاطمة، وهو كاذب أفاك أثيم قبحه الله، فإنه كان من أشد الناس عداوة لقريش، ثم لبني هاشم، دخل سلمية فلم يدع بها أحدا من بني هاشم حتى قتلهم وقتل أولادهم واستباح حريمهم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً