ظهر بمصر إنسان يعرف بالخلنجي، وهو من قوادهم، وكان تخلف عن محمد بن سليمان، فاستمال جماعة، وخالف على السلطان، وكثر جمعه وعجز النوشري صاحب شرطة مصر عنه، فسار إلى الإسكندرية، ودخل إبراهيم الخلنجي مصر، وكتب النوشري إلى المكتفي بالخبر، فسير إليه الجنود مع فاتك، مولى المعتضد، وبدر الحمامي، فساروا في شوال نحو مصر، ووصل عسكر المكتفي إلى نواحي مصر، وتقدم أحمد بن كيغلغ في جماعة من القواد، فلقيهم الخلنجي بالقرب من العريش، فهزمهم أقبح هزيمة، فندب جماعة من القواد إليهم ببغداد، وفيهم إبراهيم بن كيغلغ، فخرجوا في ربيع الأول وساروا نحو مصر، واتصلت الأخبار بقوة الخلنجي، فبرز المكتفي إلى باب الشماسية ليسير إلى مصر في رجب، فوصل إليه كتاب فاتك في شعبان يذكر أنه والقواد رجعوا إلى الخلنجي، وكانت بينهم حروب كثيرة قتل بينهم فيها خلق كثير، فإن آخر حرب كانت بينهم قتل فيها معظم أصحاب الخلنجي، وانهزم الباقون، وظفروا بهم، وغنموا عسكرهم، وهرب الخلنجي، فدخل فسطاط مصر، فاستتر بها عند رجل من أهل البلد، فدخلنا المدينة، فدلونا عليه، فأخذناه ومن استتر عنده، وهم في الحبس، فكتب المكتفي إلى فاتك في حمل الخلنجي ومن معه إلى بغداد، وعاد المكتفي بغداد، وأمر برد خزائنه، وكانت قد بلغت تكريت، فوجه فاتك الخلنجي إلى بغداد، فدخلها هو ومن معه في شهر رمضان، فأمر المكتفي بحبسهم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً