[وفاة صاحب الزنج المدعي أنه علي بن محمد وإنهاء فتنته.]
العام الهجري:٢٧٠
الشهر القمري:صفر
العام الميلادي:٨٨٣
تفاصيل الحدث:
لما قتل الذين كانوا يمدون الزنج بالميرة وقطعت تلك الإمدادات واشتد الحصار على الزنج، ولما فرغ الموفق من شأن مدينة صاحب الزنج وهي المختارة واحتاز ما كان بها من الأموال وقتل من كان بها من الرجال، وسبى من وجد فيها من النساء والأطفال، وهرب صاحب الزنج عن حومة الحرب والجلاد، وسار إلى بعض البلاد طريدا شريدا بشر حال، عاد الموفق إلى مدينته الموفقية مؤيد منصورا، وقدم عليه لؤلؤة غلام أحمد بن طولون منابذا لسيده سميعا مطيعا للموفق، وكان وروده عليه في ثالث المحرم من هذه السنة، فأكرمه وعظمه وأعطاه وخلع عليه وأحسن إليه، وبعثه طليعة بين يديه لقتال صاحب الزنج، وركب الموفق في الجيوش الكثيفة الهائلة وراءه فقصدوا الخبيث وقد تحصن ببلدة أخرى، فلم يزل به محاصرا له حتى أخرجه منها ذليلا، واستحوذ على ما كان بها من الأموال والمغانم، ثم بعث السرايا والجيوش وراء حاجب الزنج فأسروا عامة من كان معه من خاصته وجماعته، منهم سليمان بن جامع فاستبشر الناس بأسره وكبروا الله وحمدوه فرحا بالنصر والفتح، وحمل الموفق بمن معه حملة واحدة على أصحاب الخبيث فاستحر فيهم القتل، وما انجلت الحرب حتى جاء البشير بقتل صاحب الزنج في المعركة، وأتي برأسه مع غلام لؤلؤة الطولوني، فلما تحقق الموقف أنه رأسه بعد شهادة الأمراء الذين كانوا معه من أصحابه بذلك خر ساجدا لله، ثم انكفأ راجعا إلى الموفقية ورأس الخبيث يحمل بين يديه، وسليمان معه أسير، فدخل البلد وهو كذلك، وكان يوما مشهودا وفرح المسلمون بذلك في المغارب والمشارق، ثم جئ بأنكلاني ولد صاحب الزنج وأبان بن علي المهلبي مسعر حربهم مأسورين ومعهم قريب من خمسة آلاف أسير، فتم السرور وهرب قرطاس الذي رمى الموفق بصدره بذلك السهم إلى رامهرمز فأخذ وبعث به إلى الموفق فقتله أبو العباس أحمد بن الموفق، واستتاب من بقي من أصحاب صاحب الزنج وأمنهم الموفق ونادى في الناس بالأمان، وأن يرجع كل من كان أخرج من دياره بسبب الزنج إلى أوطانهم وبلدانهم، ثم سار إلى بغداد وقدم ولده أبا العباس بين يديه ومعه رأس الخبيث يحمل ليراه الناس فدخلها لثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادي الأولى من هذه السنة وكان يوما مشهودا، وانتهت أيام صاحب الزنج المدعي الكذاب قبحه الله واسمه محمد بن علي، وقد كان ظهوره في يوم الأربعاء لأربع بقين من رمضان سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان هلاكه يوم السبت لليلتين خلتا من صفر سنة سبعين ومائتين، وكانت دولته أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيام ولله الحمد والمنة، وقد قيل في انقضاء دولة الزنج وما كان من النصر عليهم أشعار كثيرة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً