خرج الملك الكامل من القاهرة في جمادى الآخرة، واستخلف على مصر ابنه الملك العادل أبا بكر، وقدم الأشرف - والمعظم صاحب الجزيرة - بالعساكر، ومضى الكامل جريدة إلى الشوبك والكرك، وسار إلى دمشق، ومعه الناصر داود صاحب الكرك بعساكره، وأقام الكامل بدمشق يسرح العساكر، وجعل في مقدمتها ابنه الملك الصالح أيوب، وورد الخبر بدخول التتر بلاد خلاط، فأسرع الكامل في الحركة، وخرج من دمشق، فنزل سليمة - وقد اجتمع فيها بعساكر يضيق بها الفضاء - وسار منها في أخريات رمضان على البرية، وتفرقت العساكر في عدة طرق لكثرتها، فهلك منها عدة كثيرة من الناس والدواب، لقلة الماء، وأتته رسل ملوك الأطراف، وهم عز الدين بيقرا، وفخر الدين بن الدامغاني، ورسل الخليفة المستنصر بالله، وألبسوه خلعة السلطنة، فاستدعي الكامل عند ذلك رسل الخوارزمي، ورسول الكرج، ورسل حماة وحمص، ورسول الهند ورسل الفرنج، ورسل أتابك سعد صاحب شيراز، ورسل صاحب الأندلس ولم تجتمع هذه الرسل عند ملك في يوم واحد قط غيره، وقدم عليه بهاء اللين اليزدي - شيخ رباط الخلاطية - من بغداد وجماعة من النخاس، يحثونه على الغزاة، فرحل التتر عن خلاط، بعد منازلتها عدة أيام، وجاء الخبر برحيلهم والكامل بحران، فجهز عماد الدين بن شيخ الشيوخ رسولاً إلى الخليفة، وسار إلى الرها، وقدم العساكر إلى آمد، وسار بعدهم، فنزل على آمد، ونصب عليها عدة مجانيق، فبعث إليه صاحبها يستعطفه، ويبذل له مائة ألف، وللأشرف عشرين ألف دينار، فلم يقبل، ومازال عليها حتى أخذها، في سادس عشر ذي الحجة، وحضر صاحبها إليه بأمان، فوكل به حتى سلم جميع حصونها، فأعطى السلطان حصن كيفا لابنه الملك الصالح نجم الدين أيوب.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً