توفي أنور خوجا رئيس دولة ألبانيا. وقد ولد في بلدة "أرجيرو كاسترو" سنة (١٣٢٦هـ = ١٩٠٨م)، ونشأ في وسط عائلة مسلمة، اشتغلت بالتجارة وعُرفت بالثراء، وتلقى دراسته الأولى في مدرسة فرنسية في "كوريتسا"، وهناك انخرط في صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي، وبعد أن أنهى دراسته سافر إلى "بلجيكا"؛ حيث عمل سكرتيرًا للسفارة الألبانية، ثم عاد إلى بلاده سنة (١٣٥٥هـ = ١٩٣٦م)، واشتغل بالتدريس. ولما تعرضت بلاده للغزو الإيطالي سنة (١٣٥٨هـ = ١٩٣٩م) انقطع عن التدريس، وانخرط في صفوف المقاومين للاحتلال الإيطالي. بعد فرار أحمد زوغو ملك ألبانيا تاركًا بلاده فريسة للاحتلال الإيطالي اشتعلت حركة المقاومة ضد الغزاة، وكان أنور خوجا واحدًا من قادة المقاومة، وحُكم عليه بالإعدام غيابيًا في سنة (١٣٦٠هـ = ١٩٤١م)، ثم شارك في تأسيس جبهة التحرير القومية التي تزعمت حركة مقاومة الطليان والألمان، وكان الشيوعيون يتزعمون هذه الجبهة، ثم تولى قيادة المقاومة ورئاسة اللجنة الألبانية المناهضة للفاشية في (جمادى الآخرة ١٣٦٣هـ = مايو ١٩٤٤م)، وفي أثناء هذه الفترة شارك في تأسيس الحزب الشيوعي الألباني وتولى أمانته؛ فلما انتهت الحرب العالمية الثانية، وخرج الألمان من ألبانيا؛ تولى "أنور خوجا" رئاسة الحكومة الألبانية في (١٣٦٥هـ = ١٩٤٥م). ثم أُعلنت ألبانيا جمهوريةً شعبية، وأُلغيت الملكية رسميًا، وما إن أمسك بمقاليد الأمور حتى بادر إلى قطع العلاقات مع كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. كان أنور خوجا من المعجبين بـ"ستالين" دكتاتور الاتحاد السوفيتي، فوقف إلى جانبه حين نشب خلاف سنة (١٣٦٧هـ = ١٩٤٨) بينه وبين "تيتو" الرئيس اليوغسلافي، على الرغم من مساندة الحزب الشيوعي اليوغسلافي للشيوعيين الألبان في أثناء الاحتلال الإيطالي لبلادهم، غير أن هذا التأييد الذي أبداه أنور خوجا للسياسة السوفيتية توقف بعد وفاة ستالين سنة (١٣٧٣هـ = ١٩٥٣م)، وانتهاج خلفائه سياسة مغايرة؛ فتحوَّل التأييد إلى عداء مستحكم، انتهى بقطع العلاقات بين البلدين في سنة (١٣٨١هـ = ١٩٦١م)، وكان من الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة وقوف "خوجا" إلى جانب الصين في صراعها الأيديولوجي المذهبي ضد الاتحاد السوفيتي، ثم أعقب ذلك انسحاب ألبانيا من حلف "وارسو" سنة (١٣٨٨هـ = ١٩٦٨م)، والتوقف عن المشاركة في "الكوميكون"، وهو المجلس المشترك لمساعدة دولة الكتلة الشرقية. أدت هذه السياسة التي اتبعها أنور خوجا إلى انعزال ألبانيا عن أوروبا والعالم الخارجي، ولم يعُد لها من حليف سوى الصين، لكن الصين نفسها انتهجت بعد وفاة "ماوتس تونج" سياسة مرنة ومهادنة للولايات المتحدة الأمريكية؛ الأمر الذي جعل أنور خوجا يعيد النظر والتفكير ويقلب الرأي، فأعاد العلاقات الدبلوماسية مع يوغسلافيا واليونان؛ للتغلب على شيء من العزلة التي فرضها على بلاده، وفي الوقت نفسه ساءت علاقاته مع الصين، وانتهى بها الحال إلى قطع مساعداتها له. أحكم أنور خوجا قبضته على البلاد، وأمسك مقاليد الأمور بيد من حديد، وتخلص من جميع منافسيه في الحزب الشيوعي، وامتدت يده إلى المعارضين؛ فأسكت أصواتهم، ولم يعد هناك من يواجهه، أو يقف في وجهه ويعارض سياسته. ظل أنور خوجا يحكم ألبانيا إحدى وأربعين سنة، حتى تُوفي في (٢٠ من رجب سنة ١٤٠٥هـ = ١١ من إبريل ١٩٨٥م) عن عمر يناهز السابعة والسبعين، وخلفه "رافر عليا".
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً