لما استقر الملك لمسعود بن سبكتكين بعد أبيه أقرَّ بما كان قد فتحه أبوه من الهند نائباً يسمى أحمد ينالتكين، وقد كان أبوه محمد استنابه بها ثقةً بجلده ونهضته، فرست قدمه فيها، وظهرت كفايته. ثم إن مسعوداً بعد فراغه من تقرير قواعد الملك، والقبض على عمه يوسف والمخالفين له، سار إلى خراسان عازماً على قصد العراق، فلما أبعد عصى ذلك النائب بالهند، اضطر مسعود إلى العودة، فأرسل إلى علاء الدولة بن كاكويه. وأمره على أصبهان بقرارٍ يؤديه كل سنة، وكان علاء الدولة قد أرسل يطلب ذلك، فأجابه إليه، وأقر ابن قابوس بن وشمكير على جرجان وطبرستان على مالٍ يؤديه إليه، وسير أبا سهل الحمدوني إلى الري للنظر في أمور هذه البلاد الجبلية، والقيام بحفظها، وعاد إلى الهند، فأصلح الفاسد، وأعاد المخالف إلى طاعته، وفتح قلعة حصينة تسمى سرستي، على ما نذكره، وقد كان أبوه حصرها غير مرة فلم يتهيأ له فتحها, ولما سار أبو سهل إلى الري أحسن إلى الناس، وأظهر العدل، فأزال الأقساط والمصادرات، وكان تاش فراش قد ملأ البلاد ظلماً وجوراً، حتى تمنى الناس الخلاص منهم ومن دولتهم، وخربت البلاد، وتفرق أهلها، فلما ولي الحمدوني، وأحسن، وعدل، عادت البلاد فعمرت، والرعية أمنت، وكان الإرجاف شديداً بالعراق، لما كان الملك مسعود بنيسابور، فلما عاد سكن الناس واطمأنوا.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً