دخل أهل طرسوس بلاد الروم غازين، ودخلها أيضاً نجا غلام سيف الدولة بن حمدان من درب آخر، ولم يكن سيف الدولة معهم لمرضه، فإنه كان قد لحقه، قبل ذلك بسنتين فالج، فأقام على رأس دربٍ من تلك الدروب، فأوغل أهل طرسوس في غزوتهم حتى وصلوا إلى قونية وعادوا، فرجع سيف الدولة إلى حلب، فلحقه في الطريق غشية أرجف عليه الناس بالموت، فوثب هبة الله ابن أخيه ناصر الدولة بن حمدان بابن دنجا النصراني فقتله، وكان خصيصاً بسيف الدولة، وإنما قتله لأنه كان يتعرض لغلام له، فغار لذلك، ثم أفاق سيف الدولة، فلما علم هبة الله أن عمه لم يمت هرب إلى حران، فلما دخلها أظهر لأهلها أن عمه مات، وطلب منهم اليمين على أن يكونوا سلماً لمن سالمه، وحرباً لمن حاربه، فحلفوا له، واستثنوا عمه في اليمين، فأرسل سيف الدولة غلامه نجا إلى حران في طلب هبة الله، فلما قاربها هرب هبة الله إلى أبيه بالموصل، فنزل نجا على حران في السابع والعشرين من شوال، فخرج أهلها إليه من الغد، فقبض عليهم، وصادرهم على ألف ألف درهم، ووكل بهم حتى أدوها في خمسة أيام، بعد الضرب الوجيع بحضرة عيالاتهم وأهليهم، فأخرجوا أمتعتهم فباعوا كل ما يساوي ديناراً بدرهم، لأن أهل البلد كلهم كانوا يبيعون ليس فيهم من يشتري لأنهم مصادرون، فاشترى ذلك أصحاب نجا بما أرادوا، وافتقر أهل البلد، وسار نجا إلى ميافارقين، وترك حران شاغرة بغير والٍ، فتسلط العيارون على أهلها.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً