كان بيبرس بعد أن خلع نفسه قد فر في جماعة من أصحابه، فلما خرج الأمير سيف الدين قراسنقر المنصوري من مصر متوجها إلى نيابة الشام عوضا عن الأفرم، فلما كان بغزة في سابع ذي القعدة ضرب حلقة لأجل الصيد، فوقع في وسطها الجاشنكير في ثلاثمائة من أصحابه فأحيط بهم وتفرق عنه أصحابه فأمسكوه ورجع معه قراسنقر وسيف الدين بهادر على الهجن، فلما كان بالخطارة تلقاهم استدمر فتسلمه منهم ورجعا إلى عسكرهم، ودخل به استدمر على السلطان فعاتبه ولامه، وكان آخر العهد به، فقتل ودفن بالقرافة ولم ينفعه شيء ولا أمواله، بل قتل شر قتلة، حيث أحضره السلطان فقرره بكل ما فعله من شنائع على السلطان وهو يقر بذلك ثم أمر به فخنق بين يديه بوتر حتى كاد يتلف، ثم سيبه حتى أفاق، وعنفه وزاد في شتمه، ثم خنقه ثانياً حتى مات؛ وأنزل على جنوية إلى الإسطبل السلطاني فغسل ودفن خلف قلعة الجبل، وذلك في ليلة الجمعة خامس عشر ذي القعدة سنة تسع وسبعمائة، وكانت أيام المظفر هذا في سلطنة مصر عشرة أشهر وأربعة وعشرين يوماً لم يتهن فيها من الفتن والحركة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً