كان سليمان بن قتلمش قد ملك مدينة أنطاكية، فلما أرسل إليه شرف الدولة مسلم بن قريش يطلب منه ما كان يحمله إليه الفردوس من المال، أجابه بأن المال الذي كان يحمله صاحب أنطاكية فإنما هو لكونه كافراً، وكان يحمل جزية رأسه وأصحابه، وهو بحمد الله مؤمن، فنهب شرف الدولة بلد أنطاكية، فنهب سليمان أيضاً بلد حلب، فلقيه أهل السواد يشكون إليه نهب عسكره، فقال: أنا كنت أشد كراهية لما يجري، ولكن صاحبكم أحوجني إلى ما فعلت، ولم تجر عادتي بنهب مال مسلم، ولا أخذ ما حرمته الشريعة. وأمر أصحابه بإعادة ما أخذوه منهم فأعاده، ثم إن شرف الدولة جمع الجموع من العرب والتركمان، وسار إلى أنطاكية ليحصرها، فلما سمع سليمان الخبر جمع عساكره وسار إليه، فالتقيا في الرابع والعشرين من صفر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة في طرف من أعمال أنطاكية، واقتتلوا، فانهزمت العرب، تبعهم شرف الدولة منهزماً، فقتل بعد أن صبر، وكان قتله يوم الجمعة الرابع والعشرين من صفر، ولما قتل قصد بنو عقيل أخاه إبراهيم بن قريش، وهو محبوس، فأخرجوه وملكوه أمرهم، وكان قد مكث في الحبس سنين كثيرة بحيث إنه لم يمكنه المشي والحركة لما أخرج، ولما قتل شرف الدولة سار سليمان بن قتلمش إلى حلب فحصرها مستهل ربيع الأول، فأقام عليها إلى خامس ربيع الآخر، فلم يبلغ منها غرضاً، فرحل عنها.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً