كان محمد علي باشا والي مصر يطمع أن يوسع أملاكه ويرغب في ضم الشام إليه، ولما فر عدد من الهاربين من التجنيد إلى الشام والتجؤوا إلى عبدالله باشا والي عكا ومنهم من هرب من الضرائب الفادحة، فتذرع محمد علي بهذه الذريعة للدخول إلى الشام وكان قد راسل الخليفة بنيته ولكن الخليفة لم يوافقه على ذلك، ولكن محمد علي لم يصغ إليه بل أرسل جيشا بريا بقيادة ابنه إبراهيم وسير حملة بحرية في جمادى الأولى من عام ١٢٤٧هـ أما البرية التي سبقتها فقد استطاعت احتلال غزة ويافا والقدس ونابلس والتقتا في حيفا، ثم سار إبراهيم وحاصر عكا برا وبحرا، فكلف الخليفة عثمان باشا والي حلب بقتال إبراهيم فسار إليه فترك إبراهيم الحصار لقوة صغيرة وسار لملاقاته فالتقيا قرب حمص فهزمه إبراهيم ورجع إبراهيم للحصار حتى تمكن من دخول عكا ثم انطلق شمالا، ويذكر أنه قد أعلن نصارى بلاد الشام، بأن إبراهيم باشا صديق لهم، وأبدوا استعداداً تاماً لمساعدته، كما أن ابراهيم باشا، قد ألغى كافة القيود المفروضة على النصارى واليهود فقط في كل بلد سيطر عليه تحت دعوى المساواة والحرية، ثم سير الخليفة جيشا آخر لقتال إبراهيم بقيادة حسين باشا ولكنه هزم أيضا فدخل المصريون حلب وتراجع حسين باشا حتى تحصن في ممر بيلان الطريق الطبيعي للأناضول. وعلى الرغم من أن جيش ابراهيم باشا قد تمكن من هزيمة الجيش العثماني واستطاع أن يستكمل سيطرته على الشام إلا أن العثمانيين قد تمكنوا من إثارة الأهالي ضد ابراهيم باشا مستغلين العديد من الأسباب سواء كانت دينية، أو اقتصادية خصوصاً بعد أن ضيق "إبراهيم باشا" الخناق على المسلمين في حين منح حريات واسعة للنصارى واليهود، لقد فتح ابراهيم باشا الباب على مصراعيه لدخول البعثات التبشيرية الفرنسية والأمريكية، وألغى كافة القوانين الاستثنائية وجميع ماكان يسري على النصارى وحدهم، ويعتبر بعض الكتّاب أن عام١٢٤٩هـ / ١٨٣٤م عام تحول تاريخي حيث عاد اليسوعيون، وتوسعت البعثات الأمريكية، وتم نقل مطبعة الإرسالية الأمريكية من مالطة إلى بيروت، وأسست مدرسة للبنات في بيروت على يد "إيلي سميث" وزوجته، وزودت بعض الأديرة بمطابع أخرى في إطار حرص الدول الأوروبية على حصر المطابع في يد المسيحيين فقط حتى تتمكن من تحقيق أهدافها في ظل عجز المسلمين عن امتلاك وسيلة التعبير عن آرائهم أو نشر أفكارهم في هذا المجال.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً