توفي سعود بن فيصل بن تركي بن عبدالله آل سعود، ثاني أبناء الإمام فيصل، لقب بـ (أبو هلا) لكرمه وكثرة ترحيبه بالضيف. وقد حكم في الدولة السعودية الثانية من ١٢٨٨ الى١٢٩١هـ (١٨٧١ - ١٨٧٥م). كان أبوه قد ولاه أميراً على الخرج عام ١٢٦٣هـ / ١٨٤٦م واستمر في هذه الإمارة مدة طويلة، وقد أكسبه ذلك قاعدة شعبية في تلك المنطقة. أما أخوه عبدالله، الذي يكبره في السن؛ فقد كان أبوه قد عينه وليا للعهد، وكان ساعده الأيمن في قيادة المعارك وإدارة شؤون البلاد، وفي أواخر حياة والده تسلم العبء الأكبر من السلطة نتيجة مرض والده وكبر سنه، وكان أخوه محمد بن فيصل يعاونه في ذلك، أما سعود فكان ينافس أخاه دائماً في حياة أبيهما، واستمر على هذا الحال حتى بعد وفاة والدهم الإمام فيصل. فعندما بويع عبدالله بن فيصل بعد وفاة والده في رجب ١٢٨٢هـ/ نوفمبر ١٨٦٥م خالفه سعود بعد عام من توليه الحكم، وكان يرغب في إزاحة أخيه وتولي الحكم بدلاً منه، ويقال أن عبدالله كان يضطهد سعود ويمنع الناس من الاتصال به مما دفعه إلى الثورة عليه. وقد ذكر سعود في رسالة بعثها للشيخ حمد بن عتيق تلك الأسباب التي دعته للثورة على أخيه. وقد كان كثير من الحاضرة، وخاصة علماء الدين، يقفون إلى جانب عبدالله لأنه الوارث الشرعي للإمامة سنا وعهدا. ولعل إمارة سعود للخرج التي كانت طويلة وناجحة جعلته يعتاد على حياة معينة تفرض عليه التزامات لم يستطع عبدالله توفيرها له، وكان سعود قد عُزل عن تلك الإمارة في أواخر عهد أبيه، وربما كان عزله بقرار من أخيه الذي كان قد تولى أعباء الحكم عن أبيه في ذلك الوقت، فأضمر سعود في نفسه على أخيه وبايعه على كره، كما ذكر في رسالته للشيخ ابن عتيق. وعلى الرغم من أن عبدالله يتمتع بشعبية كبيرة بين القبائل النجدية وتأييد العلماء له، إلا أن سعود تمكن من جمع أتباع له ومؤيدين، وكانت قبيلة العجمان، التي كان بينها وبين سعود صلة رحم، تكن لعبدالله العداء بسبب ضرباته الموجعة لهم في عهد أبيه، فاستغل سعود ذلك في حربه ضد أخيه، ونشبت بينهما بعض المعارك، وفي معركة جودة هَزمت قوات سعود قوات عبدالله التي كانت بقيادة أخيهما محمد بن فيصل في عام ١٢٨٧هـ/ ١٨٧٠م واستولى سعود على الأحساء، وفي تلك المعركة كان العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين مع قوات سعود، وكان عساف أبو اثنين وجماعته من السبعان من ضمن فرسان الأمير محمد، وأثناء المعركة اقترب راكان من عساف ونزل عن فرسه وقال له: يا عم اركب هذه الفرس أليَن لك، وكان يهدف من ذلك إلى إرضاء عساف لكي ينسحب من المعركة، فانسحب عساف وجماعته وانهزم فرسان محمد. وفي العام التالي واصل سعود تقدمه فاستولى على الرياض في محرم ١٢٨٨هـ / مارس ١٨٧١م وخلع أخاه عبدالله، وبذلك تكون مدة حكم عبدالله بن فيصل الأولى هي من رجب ١٢٨٢ إلى محرم ١٢٨٨هـ (نوفمبر ١٨٦٥ ـ مارس ١٨٧١م) وتكون بداية ولاية سعود بن فيصل هي في محرم ١٢٨٨هـ / مارس ١٨٧١م. ثم لجأ عبدالله إلى الترك في الأحساء، فانتهزت الدولة العثمانية هذه الفرصة التي سنحت لها وأرسل مدحت باشا حملة عسكرية قوية عام ١٢٨٨هـ/ ١٨٧١م احتلت الأحساء وأطلقت عليها اسم ولاية نجد، وكان مدحت باشا قد وعد عبدالله بن فيصل بتعيينه قائم مقام على نجد ولكنه أخلف وعده، وترتب على هذه الحملة انسلاخ المنطقة الشرقية عن الدولة السعودية الثانية، فزاد بذلك ضعف هذه الدولة. واستفاد آل رشيد من تلك الفتنة الأهلية فأخذوا يوسعون دائرة نفوذهم في البلدان النجدية. وبعد وفاة سعود بن فيصل، تولى بعده أخوه عبدالرحمن بن فيصل، وكان عبدالله في ذاك الوقت موجودا لدى قبيلة عتيبة فلما علم بذلك زحف إلى الرياض فتنازل له الإمام عبدالرحمن عن الإمامة، ثم بعد ذلك ثار أبناء سعود وعسكروا في الخرج وهاجموا الرياض وظفروا بعمهم عبدالله وحبسوه فيها فتدخل محمّد بن رشيد حاكم حائل، وكان عبدالله متزوجا من شقيقته، وهاجم الرياض واستولى عليها بعد فرار أبناء سعود إلى الخرج.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً